ثم قال في استياء: قل لي يا سيد أفندي بالصراحة، هل صحيح أنك تريد الانضمام إلى محمد باشا خلف؟ هذا ما قيل لي ولكني أستبعده.
وبدأت أفهم الموقف على حقيقته؛ فقد سمع أني سأعمل داعية لمحمد باشا منافسه، فأراد أن يشتريني أولا، وضحكت من الفكرة؛ لأنها كانت مفاجأة.
فقال غاضبا: ماذا يضحكك يا سيد أفندي؟
فقلت له: أنا آسف. لم أقصد شيئا سوى أنه لم يخطر ببالي أن أقوم بالدعاية لأحد، ولست ممن يصلحون لمثل هذه الخدمة.
فقال في شيء من الحدة: قل لي رأيك بالصراحة، وأنت حر طبعا.
فقلت: ليس قولي غامضا يا سيدي، لست أصلح للدعاية إلا للمبدأ الذي أؤمن به.
فقال في فتور: أتتهم مبدئي؟
فقلت ثابتا: لم أعرفه بعد يا سيدي.
فقال في أنفة: هذه مناقشة لا فائدة منها، والوقت ضيق لا يحتمل مثل هذا، قل لي في بساطة أنك تقبل أو ترفض.
فصعد الدم إلى رأسي وقلت: ماذا أقبل وماذا أرفض يا سيدي؟ إنك لم تعرض علي فكرة، كل ما عرضته هو هذا الظرف الذي أمامي والورق الذي يمكن أن أبيعه في السوق السوداء.
Unknown page