وكانت هذه أول مرة أسمعه يتحدث عن النساء.
وقلت له: ما كنت أعرف أن للمرأة شأنا معك.
فقال متحسرا: بلوى! أعترف لك بأني أغبى الخلق؛ لأني أعرف صورة وجهي وشكل جسمي ومع ذلك أكاوح. كل امرأة رأيتها كانت تسخر مني ومع هذا أعود إلى غيرها، ولكن هذه اللعينة التي رأيتها في السوق كانت شيطانة، جعلتني أنسى كل شيء وأعتقد أنها تحبني، أتتصور هذا؟ النهاية. لم أكن في هذه المرة إلا كما كنت دائما قليل العقل قليل النظر أو بالاختصار كنت حمارا.
فقلت في ضجر: ليس هذا جديدا عندي. ما لي وكل هذا؟
فقال: النهاية، ذهبت إلى «أبو المطامير» لأشتري صفقة قطن بالنقود التي أخذتها منك، أردت أن أقلدك وأجرب حظي، ولم أعلم أني مشئوم مؤبد، ألم أقل لك لا تحاول إغرائي؟ النهاية، ساقني حظي الأسود إلى أعرابية تبيع عشرة أرطال من القطن، فقلت: أستفتح بها. يا للداهية السوداء يا سيد أفندي، كان وجهها مثل القمر وعيناها مثل عيني الغزال وضحكتها تطير العقل، أتعرف ماذا حدث؟ قل لي رأيك بالصراحة ولا تخجل من أن تقول لي: يا حمار! أكبر حمار خلقه الله.
فضحكت برغمي وقلت له: لست الوحيد.
فصاح قائلا: أبدا. لا يمكن. أتصدق أن أذهب لأشتري القطن، فتجعلني الشيطانة أغير فكري وأشاركها في تجارة الدجاج؟ وذهبت معها إلى القرية لنشتري الدجاج معا، ورضيت أن أقيم في عشة حقيرة وأنام على الأرض؛ لأكون قريبا من شريكتي، وعادت إلي في اليوم التالي تلبس شالا من الحرير وقالت : إن النقود ضاعت منها، وأخذت تبكي، والمصيبة أني صدقتها وأخذت أسري عنها، واستمرت بعد ذلك تعود إلي كل يوم بقصة جديدة وبغير دجاج حتى فرغ ما في جيبي، ولما عرفت أني أفلست انقطعت عني فذهبت أبحث عنها، أتعرف أين وجدتها؟ كانت اللعينة واقفة عند دكان بقال القرية تضاحكه بغير خجل، ولما سألتها: ماذا تفعل هناك قالت في وقاحة: «وأنت مالك؟» وجعلت تسخر مني. قل إني مجنون، قل إني وغد، قل إني أي شيء واجعلني أستريح.
ثم حرك إصبعيه يطلب النقود.
ولا أستطيع أن أصف الاشمئزاز الذي غمرني عند ذلك، فلو رأيت أمامي حشرة قذرة لكان أهون علي من رؤية هذا الإنسان المحطم.
وأسرعت بإعطائه جنيها لأصرفه عني، ووقفت أنظر في أعقابه بشعور من يرى خنزيرا يخرج من بركة طين.
Unknown page