فتجرأت ووضعت يدي فوق يدها وقلبي يسيل رحمة وقلت في صوت خافت: سمعت كل ما قيل يا منى.
ونظرت نحوي بعينيها العميقتين وكانت نظرة كلها ثقة والتجاء، ورفعت يدي عن يدها وقلبي ممتلئ بشعور شديد من المواساة، وبإيمان عميق بأن وقوفي إلى جانبها في ذلك الوقت هو همي الأول والأخير في الحياة.
وقلت لها مستمرا: لا تحزني هكذا من أجل أقوال لا يقصد من ورائها إلا تحقيق أطماع هزيلة.
فقالت في حرارة: إذا كان الأمر لا يزيد على أطماع فليأخذوا ما يشاءون وليتركوا أبي المسكين راقدا في سلام، ليأخذوا كل ما تركه أبي من الأموال ويدعوا لي اسمه كما كان شريفا نبيلا، خير لي أن أكون أفقر الناس وأنا ابنة السيد أحمد جلال الكريم النبيل من أن أكون أغنى الناس واسم أبي ملطخ بالأوساخ.
واندفعت تبكي بكاء شديدا.
ووجدت نفسي أبكي أيضا.
وقلت لها بعد أن خفت حدة البكاء: علينا أن نفكر في الأمر تفكيرا هادئا، واسمحي لي أن أشاركك في التفكير إذا لم يكن ذلك تدخلا فيما لا يعنيني.
فقالت في دفعة: وكيف لا يعنيك يا سيد؟
فزادت جرأتي وقلت في شيء يشبه التحدي: هل لي أن أتدخل في هذا الأمر؟ أليس هناك من لا يرضى عن تدخلي؟
فأجابت في شيء من الدهشة: ماذا تعني؟
Unknown page