مجالس الطّرب، والمتكلّمين في مجالس الجدل، والشّعراء في مواضع المبادهة والمناداة، والملوك والعمّال في مجالس الخلوة والمنادمة، لمّا رأيناها في المحافل أجول، وبالقلوب أعلق، وبالوقت أليق.
وليس كلّ ما قاله رجل يتمثّل به حكيناه، ولا جميع ما استعاره مستعير في صفة أو مدحة أو هجاء أو معاتبة نسقنا [هـ]، وإنّما قصدنا المثل السائر الذي لم ترسله العرب الأول الحجازيّون، ولا ذكره المصنّفون الذين انتدبوا لجمع هذا الباب كأبي عبيد، والمفضّل الضبّي، وكالأصمعيّ، وعليّ بن الرّبن [٣ ظ] الطبريّ [١]، وقبلهم عبيد بن شريّة الجرهمي.
وليس كلّ نعت صائب، ولا كلّ كلام فصل يسمّى مثلا، وإنّما المثل ما استعمله غير واضعه وهو يقبله، ووضعه في أثناء كلامهم الخاصّة والعامّة، فقد قال قوم في الجاهليّة وصدر الإسلام أقوالا لو استعملت لكانت أمثالا، بل كانت تربي على كثير ممّا استعملوه،
_________
[١] هو أبو الحسن على بن سهل بن ربن الطبري، جاء من طبرستان إلى العراق، وسكن سامرّاء، يهودي، أسلم على يد الخليفة المعتصم، ثم أدخله المتوكل في جملة ندمائه، وهو أستاذ الرازي في صناعة الطب، وله فضلا عن كتبه في الطب- وأشهرها: «فردوس الحكمة» - موضع- كما يقول ابن النديم- في الأدب.
والخوارزميّ يذكره هنا بكتابه في «الأمثال والأدب على مذاهب الفرس والروم والعرب» . الفهرست: ٣٥٤، عيون الأنباء: ٤١٤.
1 / 72