بِالسُّوءِ
[١] .
ثمّ إنّ هذا كتاب صنّفناه نداري به الزّمان، ونجانس بتأليفه الوقت، ولكلّ زمان تصنيف يحكيه، وفي كلّ وقت علم يقتضيه، وربّما ضاق الوقت عن صرف الجدّ، وجلّ عن كلّ الهزل، فاحتيج إلى سلوك طريقة بينهما، ولكلّ مقام مقال، ونحن نخرج من عهدة هذا الكتاب، ونبرأ إلى النّاظر فيه من عيبه عنده، ونكشف له عن صورته فيه، ليكون نظره فيه عن بصيرة، وتركه له عن معرفة، فإنّه إن طلبه غير عارف بفضله كان مقلّدا، وإن رفضه دون إقامة الحجّة كانّ متحاملا متعصّبا.
هذا- أرشدك الله- كتاب التقط من أفواه الشّطار والعيّارين، وجمع في مجالس المغنّين والمضحكين، وروي من البمّ والزّير، وحصل في أثناء البرابط والمزامير، وسمع أكثر ما فيه من السّؤّال والسّابلة، وتلقّف من كلام الظّرفاء والصّوفيّة، فإن طالبتنا في أسانيده باسم الحسن البصريّ وبالرّواية عن بكر بن عبد الله المزني [٢] والمراسيل عن فرقد السّبخي [٣]، والسّماع عن محمّد بن كعب
_________
[١] يوسف: ٥٣.
[٢] هو من مزينة بن أدّ، وهم مزينة مضر، وكانت لجدّه صحبة، وكان لأمّه زوج موسر، يبدو أنّ بكرا أفاد من ثروته حتى إنّ قيمة كسوته كانت تبلغ أربعة آلاف درهم، وقد توفي ١٠٨ هـ- المعارف: ٧٥، ٤٥٧.
[٣] هو أبو يعقوب، أحد زهّاد البصرة، روى عن سعيد بن جبير، ومرّة الطيّب، وقيل:-
1 / 66