علما وتدينا- «دفن ليلا خوفا من العامّة» [٦] . ومن هنا كان من مصلحة ذلك الحنبليّ أن يضع ذينك البيتين- كما قلت- على لسان أبي بكر، ولمّا لم يكن يعرف مكان ولادة أبي بكر، فقد قاسه على مكان ميلاد خاله، إذ إن الطبريّ من مواليد آمل [٧] .
وتسألني عمّا جعلني أظنّ هذا الظنّ فأقول: إنّه لو كان أبوبكر قالها لما نعت نفسه بالرافضيّ، وذلك أن أبابكر شيعي إماميّ [٨]، وأنّ الزيدية هم أوّل من استحدث مصطلح الرفض يطلقونه على خصومهم من الشيعه الإمامية، ثم لمّا تقادم الزمن بالمصطلح ونسي أصله، صار الآخرون من أتباع الفرق الإسلاميّة الأخرى ينبزون به الشيعة بصورة عامّة. أفيظنّ أحد- بعد ذلك- أن ينبز أبوبكر نفسه بأنّه رافضي دون أن يستفزّه أحد أو مناظر؟
هذه واحدة، وأما الثانية فهي أنّه لم يرد ذكر في رسائل الخوارزميّ، أو في أحد كتب تلميذه الثعالبيّ عن شيء من خؤولة محمد بن جرير الطبريّ لأبي بكر، وعند سواه، مما يجعلني أقرّر أن في نفسي شيئا من أمر هذه الخؤولة أريد أن أجلوه فأقول:
معروف أن الطبريّ ولد سنة ٢٢٤ هـ، فإذا افترضنا أن أخته المزعومة- التي هي أمّ أبي بكر- تصغره بأربعين سنة- وهو احتمال ضعيف
_________
[٦] معجم الأدباء ١٨: ٤٠، وينظر العيون والحدائق ق ١، ٤: ٢١٩- ٢٢٠.
[٧] ينظر معجم البلدان ١: ٥٧ والوفيات ٤: ١٩٢.
[٨] ينظر كتابه إلى جماعة الشيعة في نيسابور في رسائله: ١٦٠- ١٧٢.
1 / 10