لتلتبس هذه الأمثال بكثير من الشعر العباسي مما يفرض علينا أن نولي اهتماما أكبر لهذه العلاقة الوثيقة المتبادلة بين الشعر العباسيّ والأمثال، فلقد نقرأ قول حمّاد عجرد يهجو بشارا:
إنّ بشّار بن برد ... تيس اعمى في سفينه
ونحسب أن المشاكلة بين بشّار والتيس هي في الهيأة الجسمانية، ولكنّ المثل: ٦٩٦ يقول: «وتذكر المتهوّر الأحمق فتقول: تيس في سفينة» مما يدلنا أن حمّادا لم يشبّه وإنّما كنّى عن حمق بشار وعن تهوّره.
ومن هذا الالتباس في الخيال بين الشعر والأمثال قول اللحّام الحرّاني:
هذا زمانك فاختم ... بالطين والطين رطب [١٤٦]
فقوله نظم للمثل: ٩١، ثم توسّع بدلالته.
وقوله:
كن ذكورا يا أبا يح ... يى إذا كنت كذوبا [١٤٧]
فهو أيضا نظم للمثل: ١٣٩٣.
وهناك ناحية دقيقة في الالتباس بين الخيال في هذه الأمثال، والخيال الشعريّ عند العباسيّين هي هذا الميل الشديد إلى التشخيص مما يعني
_________
[١٤٦] اليتيمة ٤: ١٠٦.
[١٤٧] نفسه ٤: ١٠٧.
1 / 49