40 - فصل الخطاب
الخاتمة
أمير لبنان
أمير لبنان
تأليف
يعقوب صروف
الفصل الأول
النصح بالإخلاص
هضاب لبنان آكام يعلو بعضها بعضا من ساحل بحر الروم إلى قنن صنين، مرتصفة على طول البلاد من طرابلس الشام إلى ساحل صيداء، رصعتها القرى والدساكر، ووشحتها حراج الصنوبر والبلوط، وتخللتها أودية وفجوات تنساب فيها الجداول والغدران، وقد قامت على جوانبها الحدائق والبساتين من التوت والزيتون والتين والرمان، ودبجت أرضها بطرائق الديباج من النرجس والخزام والأقحوان. بلاد المروءة والضيافة والشهامة والعفاف، مضى على سكانها دهور طوال، وهم يغرسون كرومهم ويجنون ثمارهم، ويذودون عن ذمارهم بالبيض الصفاح، جانبهم عزيز وحرزهم حريز، يمر بهم الغزاة من مصر، وبابل، واليونان، والرومان كالطيور القواطع تلتهم ما تراه وتغادر البلاد وأهلها، فيعودون إلى زرعهم وضرعهم يغرسون البساتين، ويزرعون الحقول ويسومون القطعان، ويبنون البيوت، ويشيدون القصور آمنين ناعمي البال إلى أن ينتابهم غاز آخر كما تنتاب الأوبئة البلدان، فيظاهرونه أو يشاغبونه حسب مقتضى الحال.
لما كثر مرور الغزاة في بلاد الساحل بين بيروت ولبنان، انحدر الأمراء آل أرسلان من الشرق إلى الغرب، ونزلوا قرى تطل على طريقهم لاستكشافها فسميت الشويفات، وبنوا فيها دورهم حيث ضافهم سلطان دمشق الملك المؤيد المحمودي الخاصكي منذ خمسمائة عام، ونزل على الأمير سيف الدين ثلاثة أيام.
Unknown page