فجعل الأمير أحمد يتوسل إليه ليتساهل مع عمه، ويجعل الربا خمسة عشر في المائة، ويعفيه من الضمان؛ لأن عمه يستعيب ذلك، ومما قاله له: إن الأملاك التي سيرهنها عمي لك تساوي خمسة آلاف كيس على الأقل، أفلا ترهنها على ألف كيس؟! لقد زدتموها يا خواجه بخور، وهذا ليس من العدل ولا من الإنصاف ونحن أصدقاء من زمان طويل.
فقال الخواجه بخور: ليس في اليد حيلة يا أمير أحمد، وأنت تعلم أني لست وحدي، وأن أولاد عمي لا يتنازلون عن غرش واحد.
فأخبره الأمير أحمد أنه استدان من بيت طراد، ولم يدفع سوى 12 في المائة، نعم إن المبلغ الذي استدانه زهيد، ولكنه لو طلب منهم ألف كيس بهذه الفائدة لأعطوه.
فأجابه الخواجه بخور أن هذا يكاد يكون ضربا من المحال في هذه الأيام، وأنه لو طلب منهم اليوم ودفع لهم عشرين في المائة لرأى أنهم يعتذرون عن إعطائه مائة كيس بهذه الفائدة.
ولكن كلام الأمير أحمد عن بيت طراد حل عزائم الخواجه بخور، فقال في نفسه: يجب أن نجمع كل أصحاب البنوك الذين يدينون، ونتفق على معدل واحد حتى لا يضر بعضنا بعضا. وبعد جدال طويل اتفقوا على أن يكون معدل الربا ثمانية عشر في المائة، وأن تكون المدة ثلاث سنوات، ويكتفي الخواجه بخور بالرهن ولا يطلب ضمان الأمير أحمد.
ثم التفت الخواجه بخور إلى الأمير أحمد وسأله عما إذا كانت الأملاك تساوي خمسة آلاف كيس حقيقة، فقال: نعم وهذا لا يقبل الغلط؛ فإنها خمسمائة قنطار من أغراس الزيتون، والقنطار يساوي خمسة آلاف غرش على الأقل.
فقال الخواجه بخور: إذن يمكنه أن يستدين عليها ألف كيس أخرى، فنحن تحت أمرك وأمر عمك.
وعاد الخواجه بخور إلى مكتبه، فوجد أنه أتاه تحويل على خزينة بيروت بثلاثة آلاف كيس؛ لأن شركاءه في لندن وفينا كانوا يدفعون الأموال في الأستانة، ويأخذون بها تحاويل على خزائن الولايات فأسقط في يده؛ لأن اليوم كان الجمعة، والخزينة مقفلة واليوم التالي السبت لا يستطيع أن يعمل فيه عملا، فيضيع عليه ربا يومين، فجعل يشتم ربان السفينة التي لم توصل التحويل يوم الخميس، وعد ذلك من جملة النحوس التي توالت عليه تلك السنة، وعاد إلى بيته منغص العيش كأنه خسر خسارة كبيرة لا تعوض.
الفصل الرابع عشر
الأميرة صفا
Unknown page