Amin Khuli
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
Genres
9
والقرآن في هذا «يقصد تحريكا» للعبرة، وتذكيرا بالنعمة وحفزا للفكرة، لا تقريرا لقواعد الطبيعة، ولا إلزاما باعتقاد خاص في الخليفة، وهو في الاستدلال على التوحيد لم يفارق هذا السبيل.»
10
من هنا كان الأصل الأول من أصول الإسلام عند محمد عبده هو النظر العقلي لتحصيل الإيمان، والأصل الثاني هو تقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض بينهما، وكان محمد عبده بهذا يعلن حقوق الفكر الحر، مؤكدا أنه واجب على الموجود العاقل.
والنتيجة الطبيعية المنطقية لهذا أن ينتقل محمد عبده إلى تأكيد ضرورة التجديد، ورفض الجمود والتقليد. فالدين عنده شعور فطري، لكن فطرية الشعور الديني لا تمنع الدين من أن يتطور بترقي الإنسانية، حتى بلغ كماله في الدين الإسلامي. وها هنا تظل الضرورة الحيوية هي «ضرورة تجديد بناء عقائدنا تجديدا موصولا كي تلائم تغيرات الموجودات»،
11
وهذا التجديد يجعل الدين مسايرا لحركة العلم المطردة التغير والتقدم، ويجعل العلاقة بين الدين وبين الحياة سائرة قدما، وتبرأ من اهتراء أصابها ردحا من الزمن.
كان محمد عبده يقول إن الناس تحدث لهم باختلاف الزمان أمور ووقائع لم يرد لها ذكر في كتب الفقه القديمة، فهل نوقف سير العالم لأجل كتبهم؟ إن هذا لا يستطاع، إنه جمود وموات يجعل العوام ينصرفون عن دينهم الذي لا يجاري وقائع حياتهم.
12
أجل! يجب أن نسير في وجودنا الحاضر مهتدين بتجارب السلف، لكن ليس من واجبنا أن نقبل جميع ما يؤثر عنهم من تقاليد دون فحص أو تمحيص، بل ينبغي أن نستعمل فيه تفكيرنا، فإذا وجدناها صحيحة - ومعنى هذا أنها موافقة للعقل - قبلناها، وإلا رفضناها «هذا البحث الحر، وهذه الحاسة الناقدة فيما يرى محمد عبده، هي ما يميز الحيوان الناطق عن سائر الحيوان»
Unknown page