تعالى: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر" (١): "والذي يقوي ذلك أن الخفض لم يأت في السبعة لضعفه". ويفهم من ذلك أن ابن الحاجب يرى أن القراء السبعة لم ترد ي قراءتهم لغة ضعيفة ليس لها توجيه صحيح عند اللغويين والنحويين. إلا أنه حكم على قراءة قارئين من السبعة بأنها ضعيفة، وذلك في الإملاء (٥٩) على قوله تعالى: "وكذلك ننجي المؤمنين" (٢)، قال: "على قراءة ابن عامر وعاصم لا يظهر فيا وجه مستقيم".
ولا يصح عن ابن الحاجب تناقض القراءتين في المعنى. فإذا كان في ظاهر القراءتين تناقض فلا بد من التوفيق بينهما بطريق التأويل، فقد أملى على قوله تعالى: "وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال" (٣) في الإملاء (١١١)، فقال: "فالجبال على قراءة الكسائي الأمور العظام التي لم تبلغ مبلغ المعجزات، والجبال على قراءة الجماعة المعجزات العظام كالقرآن ونحوه. وعلى هذا التأويل لم يجيء النفي والإثبات باعتبار واحد. وإذا لم يكونا باعتبار واحد فلا تعارض بين القراءتين".
واهتمام ابن الحاجب في أماليه بالقراءات مرتبط بما يتصل بالإعراب، فهو يوجه كل قراءة التوجيه النحوي الملائم بها، ولا يتعرض لمعنى المراد من الآية إذا كان هذا المعنى لا يختلف باختلاف القراءة، وذلك كتوجيه القراءات في قوله تعالى: "إن هذان لساحران" (٤). أما إذا كانت القراءة تدل على معنى غير المعنى الذي تفيده القراءة الأخرى فإنه يوضح ذلك ويتعرض لتفسير
_________
(١) النساء: ٩٥.
(٢) الأنبياء: ٨٨.
(٣) إبراهيم: ٤٦.
(٤) طه: ٦٣.
1 / 46