روي أن عقيلا رضي الله عنه كتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام: لعبد الله علي أمير المؤمنين من عقيل سلام الله عليك، أما بعد: فإن الله تعالى أجارك من كل سوء، وعصمك من كل مكروه، أعلمك أني خرجت معتمرا فلقيت عبد الله بن أبي سرح في نحو من أربعين راكبا من أبناء الطلقاء مصدرين ركابهم من قديد، فقلت لهم وعرفت المنكر في وجوههم : أين يا أبناء الطلقاء، أبالشام تلحقون عداوة تريدون بها إطفاء نور الله وتغيير أمره. فأسمعني القوم وأسمعتهم، فسمعتهم يقولون: إن الضحاك بن قيس الفهري أغار على الحيرة وأصاب من أموال أهلها ما شاء، ثم انكفأ راجعا، فأف لحياة في دهر جر عليك ما أرى، وما الضحاك إلا فقع بقرقر(1)، وقد ظننت حين بلغني ذلك أن أنصارك خذلوك، فاكتب إلى يا ابن أبي برأيك وأمرك، فإن كنت الموت تريد تحملت إليك ببني أخيك، وولد أبيك فعشنا معك ما عشت، ومتنا معك ما مت، فوالله ما أحب أن أبقى بعدك فواقا(2)، وايم الله الأعز الأجل إن عيشا أعيشه في هذه الدنيا لغير هني ولا مري، والسلام.
فأجابه علي عليه السلام: أما بعد، فكلأك الله كلاءة من يخشاه بالغيب إنه حميد مجيد، قدم علي عبيد الله بن عبد الرحمن الإزدي بكتابك، تذكر(3) أنك لقيت ابن أبي سرح في نحو من أربعين راكبا متوجهين إلى المغرب، وأن ابن أبي سرح طال والله ما كاد الإسلام، وضل عن كتاب الله وسنته وبغاهما عوجا، فدع ابن أبي سرح وقريشا وتراكضهم في الضلالة، وتجاولهم في الشقاق، فإنها اجتمعت على حرب أخيك اجتماعها على حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
Page 64