فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للنبوة، وأمير المؤمنين للخلافة، خلافة قد رفع الله عنها سنة الاستبداد، وطمس عنها وسم الذلة، فقد حلاها عن شربها، آخذا بأكظاظها(1) يرحضها عن مال الله حتى عضها الثقاف، ومضها(2) قرص الكتاف، فجرجرت جرجرة العود، فلفظته أفواهها، ومجته شفاهها، ولم يزل على ذلك وكذلك، حتى أقشع عنكم ريب الذلة، واستنشقتم روح النصفة، وتطعمتم قسمة السواء، بسياسة مأمون الجرفة(3) مكتهل الحنكة، طب بأدوائكم، قمن بدوائكم، يبيت بالربوة كالئا لحوزتكم جامعا لقاصيتكم، يقتات الجريش، ويلبس الهدم، ويشرب الخمس، ، وأنتم تريدون أن تطفئوا نور الله بأفواهكم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
ثم إذا تكافح السيفان، وتنادت الأقران، وطاح الوشيج، واستسلم الوشيض(4)، وغمغمت الأبطال، ودعت نزال، وغردت الكماة، وقلصت الشفاة، وقامت الحرب على ساق، وسالت عن أبراق، ألفيت أمير المؤمنين، مثبتا لقطبها مديرا لرحاها(5)، دلافا إلى البهم، ضرابا للقلل، سلابا للمهج، براكا للوثبة، مثكل أمهات، ومؤيم أزواج، ومؤتم أطفال،طامحا في الغمرة، راكدا في الجولة يهتف بأولاها، فتنكفي على أخراها، فآونة يكفأها، وفينة يطويها طي الصحيفة، وتارة يفرقها فراق(6) الوفرة، فبأي مناقب أمير المؤمنين تكذبون، وعن أي أمرئ مثل حديثه تروون، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون.
Page 61