أعني ابن فاطمة المعم المخولا
تركت طليحة للجبين مجدلا
لترده حران حتى ينهلا(1)
لله أي مذبب عن حرمة
جادت يداك له بعاجل طعنة
وعللت سيفك بالدماء ولم تكن
أخبرنا أبو الحسن علي بن مهدي الطبري، قال: أخبرنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا أبي قال:
حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الربعي، قال: كان لمعاوية بن أبي سفيان مولى يقال له: حريث، وكان من أشجع الناس، وأشبههم بمعاوية، وكان إذا حمل أيام صفين، قال الناس: حمل معاوية، وكان لا يقوم له قائم، وكان معاوية مسرورا بموضعه، فقال له يوما: يا حريث، بارز من بارزك، وقاتل كل(2) من قاتلك، إلا عليا، فإنه لا طاقة لك به.
فحسد عمرو بن العاص حريثا لما يظهر من نجدته وبسالته، فقال له يا حريث: إن معاوية نفس عليك بقتل علي، لأنك عبد ، ولو كنت عربيا وذا شرف لرضيك لهذا الأمر والمنزلة، فإن قتلت عليا انصرفت براية الفخر وبأعلى(3) ذروة الشرف. فعمل في حريث قول عمرو.
فلما برز علي عليه السلام أحجم الناس عنه، فتقدم إليه حريث فضرب عليا ضربة لم تؤثر فيه، وضربه علي عليه السلام فقتله، فاتصل الخبر بمعاوية، فقلق وجزع، وقال: من أين أتي حريث؟ وقد كنت حذرته عليا ومنعته من قتاله. فقيل: إن عمرا أشار عليه بذلك، فأنشأ معاوية يقول:
بأن عليا للفوارس قاهر
من الناس إلا أقصعته الأظافر
فجدك إذ لم تقبل النصح عاثر
فلله ما جرت عليك المقادر
وقد يهلك الإنسان ما لا يحاذر(4) حريث ألم تعلم وعلمك ضائع
Page 47