الذبائح في مناسك الحج مصادرها ومصارفها
الذبائح في مناسك الحج مصادرها ومصارفها
Publisher
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
السنة الحادية عشرة،العدد الثاني
Publication Year
غرة ذي الحجة عام ١٣٩٨هـ/١٩٧٨م
Genres
لأن النحر قد وقع، والتعدي إنما حدث على اللحم فقط فيغرم قدر ما تعدى ١.
أما هدايا المتعة والقران والتطوع فيجوز لأصحابها الأكل منها لأنهما دماء نسك فهي بمنزلة الأضاحي، وقد أشرنا فيما سبق إلى أن رسول الله ﷺ أكل من لحمها وحسا من مرقها، كما أنها باقية على العموم المستفاد من قوله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ ٢. وكذلك الآثار المروية عن السلف فيما سبق تدل على بقاء حلها لأصحابها ودخولها في عموم الآية السابقة وقد جاء في آخرها ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ .
حكم أكل صاحب الهدي من هديه:
الأمر الموجه لصاحب الهدي بالأكل من هديه المستفاد من قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ الآية: هو للندب عند جمهور العلماء خلافًا لمن أوجب ذلك منهم، لظاهر قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ وأيضًا لظاهر قوله ﷺ "كلوا وتزودوا" ٣.
ويرد عليهم بأن أسلوب الأمر كما يأتي للطلب المقتضى للوجوب قد يأتي للندب بل قد يأتي للإباحة كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ ٤. ومعلوم أن الصيد بعد انتهاء الإحرام مباح وليس واجبًا.
قال ابن جرير الطبري: تعليقًا على الأمر بالأكل في قوله تعالى: " ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ وهذا الأمر من الله جل ثناؤه أمر إباحة لا أمر إيجاب وذلك أنه لا خلاف بين جميع الأئمة: أن ذابح هديه أو بدنته هنالك إن لم يأكل من هدية أو بدنته أنه لم يضيع له فرضًا كان واجبًا عليه فكان معلومًا بذلك أنه غير واجب " ٥.
ثم نقل بسنده عن عطاء ومجاهد أنهما قالا:" إن الأكل رخصة إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل، وهي كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ . وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ﴾ " ٦..
_________
١ تفسير القرطبى جـ١٢ ص ٣٠٥.
٢سورة الحج الآية رقم ٣٦.
٣ نيل الأوطار جـ٥ ص ١٤٤.
٤ سورة المائدة رقم ٢.
٥ جامع البيان في تفسير القرآن للطبري جـ١٧ ص ١٠٩ دار المعرفة- بيروت- لبنان.
٦ سورة الجمعة الآية رقم ١٠.
1 / 216