69

Al-Nāfila fī al-aḥādīth al-ḍaʿīfa waʾl-bāṭila

النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة

Publisher

دار الصحابة للتراث

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م

Genres

٧٢- «إنَّ اللهَ اختارَ أصحابي عَلى العالَمينَ، سِوى النبيينَ والمرسلينَ، واختارَ لي مِنْ أصحابي أربعةً - يعني أبا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليًا، ﵏ فَجعلَهُمْ أصحَابِي، وقالَ في أصحابي: كُلهُم خيرٌ، واختارَ أمتي عَلى الأممِ، واختارَ أمتي أربَعَ قُرونٍ، القَرنَ الأولَ، والثاني، والثالثَ، والرابعَ» . (١)
٧٣- «مَنْ مَلكَ زَادًا ورَاحِلةً، فَلمْ يَحجَ إلى بَيتِ اللهِ ﷿ فلا يَضرُّهُ يهوديًا ماتَ أوْ نَصرانيًا» . (٢)

(١) ٧٢- باطل.
أخرجه البزار (ج ٣/ رقم ٢٧٦٣)، وابن حبان في «المجروحين» (٢/ ٤١)، والخطيب في «التاريخ» (٣/ ١٦٢)، وفي «الموضح» (٢/ ٢٨٠) من طريق عبد الله بن صالح، ثنا نافع بن يزيد، حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر مرفوعًا فذكره. قال البزار «لا نعلمه يروي عن جابر إلا بهذا الإسناد، ولم يشارك عبد الله بن صالح في روايته هذه عن نافع بن يزيد أحد نعلمه» .
قلت: قد توبع عبد الله بن صالح عليه. أخرجه الخطيب في «الموضح» (٢/ ٢٨٠) من طريق أبي العباس الأثرم، محمد بن أحمد، حدثنا علي بن داود القنطري، حدثنا سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح، عن نافع فذكره. ولكن يبدو أن هذه المتبعة لا تثبت؛ فَقَدْ قالَ أحمد بن محمد التستري:
«سألت أبا زرعة عن حديث زهرة بن معبد في الفضائل، فقال: باطل، وضعه خالد المصري، ودلسه في كتاب أبي صالح فقلت: فمن رواه عن سعيد بن أبي مريم؟ قالَ: هذا كذاب، قدْ كانَ محمد بن الحارث العسكري حدثني بهِ عن أبي صالح وسعيد» . فعلق الذهبي بقوله: «قلْتُ:: قدْ رواه ثقة عن الشيخين، فلعله مما أدخل على نافع، مع أن نافع بن يزيد صدوق يقظ» أ. هـ. قلْتُ:: فيظهر مما سبق أن متابعة سعيد بن أبي مريم لا تصح، إنما هي مفتعلة ثمَّ ألصقت بالثقات، وبقى عبد الله بن صالح وقدْ تفرد بالحديث، وكما يظهر أنه أدخل عليهِ بسبب غفلته فحدث بهِ. قالَ الذهبي: «فقامت عليهِ القيامة» قالَ أبو زرعة: «بُلي أبو صالح بخالد بن نجيح في حديث زهرة بن معبد، عن سعيد وليس له أصل» . وقال النسائي: «حديث موضوع» . أما الحافظ ابن حجر فقال في «الإصابة» (١/ ١٣): «رجاله موثقون» . وقال الهيثمي (١٠/ ١٦): «رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف» . فهذا لا يعارض ما تقدم. والله أعلم.
(٢) ٧٣- ضعيف جدًا.
روى عنه علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وعمر بن الخطاب موقوفًا عليه.
أولًا: حديث علي بن أبي طالب، ﵁.
أخرجه الترمذي (٨١٢) والبزار - كما في «نصب الراية» (٤/ ٤١١) - وابن أبي حاتم، وابن مردويه، في «تفسيرهما» - كما في «ابن كثير» (١/ ٣٣٢) - وابن جرير (رقم ٧٤٨٧، ٧٤٨٩)، والعقيلي في «الضعفاء» (٤/ ٤٣٨)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (١/١١/٤٣٤)، وابن عدي= = في «الكامل» (٧/ ٢٥٨٠)، وكذا ابن الجوزي في «الموضوعات» (٢/ ٢٠٩) من طرق عن هلال بن عبد الله، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الأعور، عن علي مرفوعًا ... فذكره. قال الترمذي: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وفي إسناده مقال. وهلال بن عبد الله مجهول، والحارث يضعف في الحديث» . وقال البزار: «هذا حديث لا نعلم له إسنادًا عن علي إلا هذا الإسناد، وهلال هذا بصري حدث عنه غير واحد من البصريين: عفان بن مسلم، ومسلم بن إبراهيم، وغيرهما، ولا نعلمه يروي عن على إلا من هذا الوجه» أ. هـ.
قلت: وهذا سند ضعيف جدًا. أما هلال بن عبد الله الباهلي، فمع تجهيل الترمذي له، فقد قال البخاري: «منكر الحديث» . وقال الحاكم أبو أحمد: «ليس بالقوي عندهم» . وقال إبراهيم الحربي: «لا يعرف» . وقال العقيلي: «لا يتابع على حديثه»، ولذلك قال الحافظ فيه: «متروك» !
[قلت: وتوجيه قول الحافظ أن المجهول إذا تفرد برواية خبر منكر فهو تالف، فإن انضم إلى ذلك قول مثل البخاري فيه: «منكر الحديث» فحاله أردأ، ولا تنفعه الجهالة حينئذ. والله أعلم] . وأما الحارث، فقال ابن الجوزي: «كذبه الشعبي» . والحارث ليس بكذاب، وإن كان ضعيفًا واهيًا. ولذلك قال ابن عدي: «الحديث غير محفوظ» . وقال العقيلي: «وهذا يروي عن علي موقوفًا، ولم يرو مرفوعا: من طريق أصلح من هذه» . فالحاصل أن السند ضعيف جدًا، وله ثلاث علل. العلتان السابقتان، والثالثة: هي اختلاط أبي إسحاق الهسبيعي، وتدليسه. والله أعلم، وإنما سمع من الحارث أربعة أحاديث، وليس هذا منها، فلعله دلس من هو شر من الحارث.!!
ثانيًا: حديث أبي أمامة، ﵁.
أخرجه الدارمي (١/ ٣٦٠) واللفظ له، وسعيد بن منصور في «سننه»، وأبو يعلى في «مسنده» - كما في «التلخيص» (٢/ ٢٢٢) -، والبيهقي (٤/ ٣٣٤)، وأبو نعيم في «الحلية»
(٩/٢٥١)، وابن الجوزي (٢/٢١٠) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن ليث، عن
عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة مرفوعًا: «من لم يمنعه عن الحجاج حاجة ظاهرة، أو سلطان جائر، فمات ولم يحج، فليمت إن شاء يهوديًا، وإن شاء نصرانيًا» . قال البيهقي: «إسناده غير قوي» .
قلت: أما شريك النخعي، فهو سيئ الحفظ كما هو معروف، وقد خولف في إسناده كما يأتي - إن شاء الله - وليث، هو ابن أبي سليم اختلط في آخر عمره، ولم يتميز حديثه القديم من الذي بعد الاختلاط. أما شريك، فقد خالفه سفيان النووي [وتابعه إسماعيل بن علية، عن ليث مرسلًا. أخرجه أحمد في «كتاب الإيمان» (ق ١٤٠/ ١) فرواه عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط قال: قال رسول الله ﵌.. فذكره مرسلًا. أخرجه أحمد في «كتاب الإيمان» (ق ١٤٠/ ١) حدثنا وكيع، عن سفيان به. وسفيان أثبت من شريك بلا شك، لكن الشأن في ليث بن أبي سليم. وقدْ خُولف وكيع. خالفه نصر بن مزاحم، عن سفيان، عن ليث، عن ابن سابط، عن أبي أمامة= =مرفوعًا. أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٧/ ٢٥٠٢) . وهذه المخالفة ساقطة، فنصر بن مزاحم تالف. تركه أبو حاتم وأوهاه، بل كذبه أبو خيثمة. فأنى يناطح وكيعا، الثقة الجبل؟!! فالصواب أن الحديث من جهة سفيان مرسل، لا سيما وقدْ توبع وكيع عليهِ. قالَ في «نصب الراية» (٤/٤١١): «قالَ ابن أبي شيبة في «مصنفه»: حدثنا أبو الأحوص، عن سلام بن سليم، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، أن النبي ﷺ قالَ ... فذكره» . قلْتُ:: كذا وقع في «نصب الراية»: «... أبو الأحوص، عن سلام بن سليم ...» . وهوَ خطأ لأشكال فيهِ. وأبو الأحوص هو سلام بن سليم، شيخ أبي بكر بن أبي شيبة فيهِ. فالصواب أن زيادة: «عن مقحمة لامعنى لها وأخرجه ابن أبي عمر العدني في «كتاب الإيمان» (٣٧) قالَ: حدثنا هشام، عن ابن جريج قالَ: وحدثت عن عبد الرحمن بن سابط أن النبي ﵌ ... فذكره وفي آخره: «أو ميتة الجاهلية» . لكن إسنادها ضعيف، وهشام هو ابن سليمان. قالَ فيهِ الحافظ: «مقبول» والانقطاع بين ابن جريج وابن سابط، فالحاصل أن رواية سفيان وأبي الأحوص وابن علية عن ليث بالإرسال، أثبت من رواية شريك عنهُ موصولًا. لا سيما وقدْ اختلف على شريك فيهِ. فرواه عنهُ على الوجه الأول يزيد بن هارون، وعند الدارمي، وأبي نعيم، وشاذان، والأسود بن عامر عند البيهقي وبشر بن الوليد الكندي، عند أبي يعلى. والمغيرة بن عبد الرحمن [وبه أعل ابن الجوزي طريق حديث أبي أمامة السابق مع علل أخرى والصواب عدم الإعلال بهِ للمتابعات]، وخالفهم عمار بن مطر، فرواه عن شريك، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي أمامة مرفوعًا فذكره. أخرجه أبو يعلى في «مسنده» - كما في «اللآلئ» (٢/ ١١٨) - وعنه ابن عدي في «الكامل» (٥/ ١٧٢٨)، وابن الجوزي في «الموضوعات» (٢/ ٢٠٩) . قال ابن عدي: «هذا الحديث عن أبي هلال وشريك غير محفوظ» . وقال ابن الجوزي: «عمار بن مطر قال العقيلي: يحدث عن الثقات بالمناكير. وقال ابن عدي: متروك الحديث» . قلْتُ: فمثل مخالفته ليزيد بن هارون ومن معه، لا تساوي شيئًا. وبالجملة، فالصواب في حديث أبي أمامة هو الإرسال كما رجحه البيهقي وابن عبد الهادي في «التنقيح» - كما في «نصب الراية» (٤/ ٤١٢) - ولذلك قال ابن دقيق العيد في «الإمام»: «وحديث أبي أمامة على ما في أصلحها» . وسبقه إلى ذلكَ شيخه المنذري ﵀، فقال - كما في «التلخيص» (١٢/٢٢٣) -: «وطريق أبي أمامة على ما فيها أصلح من هذه» يعني من حديث علي بن أبي طالب السابق.
ثالثًا: حديث أبي هريرة، ﵁.
أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٤/ ١٦٢٠)، ومن طريقه ابن الجوزي في «الموضوعات» (٢/ ٢٠٩) من طريق عبد الرحمن القطامي، حدثنا أبو المهزم، عن أبي هريرة مرفوعًا: «من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس، أو حجة ظاهرة، أو سلطان جائر، فليمت أي الميتين إما يهوديًا أو نصرانيًا.» قال ابن الجوزي: «أبو المهزم واسمه يزيد بن سفيان. قال يحيى ليس حديثه بشيء. = =وقال النسائي: متروك الحديث. وفيه عبد الرحمن القطامي، وقال عمرو بن علي الفلاس: كان كذابًا، وقال ابن حبان: يجب تنكب رواياته» أ. هـ. وقال الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٢٢٣): «عبد الرحمن القطامي، عن أبي المهزم، وهما متروكان» .
رابعًا: حديث عمر بن الخطاب، ﵁، الموقوف.
وله عنه طرق:
الأول: الحسن البصري، عنه. أخرجه سعيد بن منصور في «سنته» - كما في «نصب الراية» (٤/ ٤١١) - قال: ثنا هشيم، ثنا منصور، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كانت له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية. ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين» . قلت: وسنده ضعيف. ولم يختلف أحد أن الحسن البصري لم يدرك عمر بن الخطاب.
الثاني: عبد الرحمن بن غنم، عنه. أخرجه ابن أبي عمر العدني في «الإيمان» (٣٨)، والبيهقي (٤/ ٣٣٤) من طريق عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن نعيم، أن الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري، أخبره أن عبد الرحمن بن غنم أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب ﵁ يقول: «ليمت يهوديًا أو نصرانيًا - يقولها ثلاث مرات - رجل مات ولم يحج، وجد لذلك سعة، وخليت سبيله ...» . وسنده صحيح. وأخرجه الإسماعيلي كما في «ابن كثير» (١/ ٣٣٢) - وكذا أبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٢٥٢) من طريق الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، حدثني عبد الرحمن بن غنم، أنه سمع عمر بن الخطاب، فذكره. قال الحافظ ابن كثير: «هذا إسناد صحيح» . وكذا صححه الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٢٢٣) .
الثالث: حسن بن محمد بت الحنفية، عنه أخرجه ابن أبي عمر العدني في «كتاب الإيمان» (٣٩) حدثنا هشام، عن ابن جريح، قال: أخبرني عمرو بن دينار، أن حسن بن محمد أخبره أن عمر بن الخطاب رأى ناسًا بعرفة في الحج، عليهم قمص وعمائم، فضرب عليهم الجزية. وسنده ضعيف للانقطاع بين حسن بن محمد وعمر.
الرابع: عبد الله بن المسيب، عنه. أخرجه البخاري في «الكبير» (٣/ ١/ ٢٠٢) إشارة، وابن أبي عمر في «الإيمان» (٤٠) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني سليمان، مولى لنا، عن عبد الله بن المسيب، قال سمعت عمر بن الخطاب يقول: «من لم يكن حج، فليحج العام، فإن لم يستطع، فعام قابل، فإن لم يستطع، فعام قابل، فإن لم يفعل، كتبنا في يده: يهوديًا أو نصرانيًا» قلت: وسنده حسن في الشواهد. وسليمان هو ابن بابيه، قال الحافظ: «مقبول» . يعني حيث توبع. وقد توبع كما ترى. فالحاصل أن هذا الحديث واه، والصواب أنه موقوف على عمر ﵁. والله أعلم.

1 / 91