علم البديع
علم البديع
Publisher
دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع
Edition Number
بدون
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
ومن النقاد من يهمل هذا الجانب البديعي عند تعرضه بالنقد لنص شعري أو نثري والحكم عليه ظنا منه أنه جانب لا يقدم ولا يؤخر كثيرا في الحكم على جودة التعبير وحسن أدائه للمعنى بكل ظلاله.
ولكن دراسة أصول هذا العلم والأناة في تفهمها وتذوقها جديرة بإقناع الدارس أيا كان بأن استبعاد الجانب البديعي عند الحكم على عمل أدبي هو إجحاف به وانتقاص في الحكم عليه.
حقا لقد أسرف الشعراء والأدباء في العصور المتأخرة غاية الإسراف في استعمال المحسنات البديعية، إما إعجابا بها وإما إخفاء لفقرهم في المعاني، وبهذا انحط إنتاجهم الأدبي. ذلك في نظري هو سبب العزوف عن هذا العلم من جانب بعض الدارسين والنقاد المعاصرين. ولو عرفوا أن العيب ليس في البديع ذاته وإنما هو في سوء فهمه واستخدامه لقللوا من عزوفهم عنه ولأعطوه حقه من العناية والدراسة، ولردوا إليه اعتباره كعنصر بلاغي هام عند تقييم الأعمال الأدبية والحكم عليها.
وكما يقول أبو هلال العسكري: «إن هذا النوع من الكلام إذا سلم من التكلف وبرئ من العيوب كان في غاية الحسن ونهاية الجودة» (١).
وبعد، فقد عرف العرب في شعرهم كل الخصائص الفنية والأساليب البيانية التي تخلع عليه صفة الجمال والإبداع. وكان الشاعر منهم بحسه الفطري وعلى غير دراية منه بأنواع هذه الأساليب البيانية ومصطلحاتها البلاغية يستخدمها تلقائيا كلما جاش بنفسه خاطر وأراد أن يعبر عنه تعبيرا بليغا.
_________
(١) كتاب الصناعتين ص ٢٦٧.
1 / 8