155

وقد صاغه القديس أنسلم

Anselm

في صورته الأولى، وزاده اللاحقون به ونقحوه حتى بلغ كماله في فلسفة ديكارت، وأوشك أن ينسب إليه.

وفحواه في صيغته الجامعة أن العقل الإنساني كلما تصور شيئا عظيما تصور ما هو أعظم منه؛ لأن الوقوف بالعظمة عند مرتبة قاصرة يحتاج إلى سبب، وهو - أي العقل الإنساني - لا يعرف سبب القصور.

فما من شيء كامل إلا والعقل الإنساني متطلع إلى أكمل منه، ثم أكمل منه، إلى نهاية النهايات، وهي غاية الكمال المطلق التي لا مزيد عليها ولا نقص فيها.

وهذا الموجود الكامل الذي لا مزيد على كماله موجود لا محالة؛ لأن وجوده في التصور أقل من وجوده في الحقيقة، فهو في الحقيقة موجود؛ لأن الكمال المطلق ينتفي عنه بسبب عدم وجوده، ولا يبقى له شيء من الكمال، بل نقص مطلق هو عدم الوجود.

فمجرد تصور هذا الكمال مثبت لوجوده.

والله ثابت الوجود لأنه هو غاية الكمال، وكل نقص عن هذه المرتبة القصوى لا يتصوره العقل ولا يقبله ولا يستريح إليه؛ لأن تصور الكمال الأسمى مرادف لتصور الكمال الموجود.

فالعقل الإنساني لا يتصور إلا أن الله موجود.

وقد سخر من هذا البرهان رجال الدين أنفسهم من معاصري القديس أنسلم في القرن الحادي عشر، وعلى رأسهم الراهب جونلو

Unknown page