287

قال ابن هشام: بلغني عن أبي سعيد المكبري (1)، عن أبي هريرة أنه قال: خرجت خيل لرسول صلى الله عليه وآله وسلم فأخذت رجلا من بني حنيفة لا يشعرون به، حتى أتوا به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ((أتدرون من أخذتم؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفي أحسنوا أساره))، ورجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهله، فقال: ((اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه)) وأمر بلقحته أن يغدا بها عليه ويراح، فجعل لا يقع من ثمامة موقعا ويأتيه رسول الله فيقول: ((أسلم يا ثمامة))، فيقول: أيها!! يا محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن ترد الفداء فسل ما شئت، فمكث ما شاء الله ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): ((أطلقوا ثمامة))، فلما أطلقوه خرج حتى أتى (البقيع) فتطهر فأحسن طهوره، ثم أقبل فبايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الإسلام، فلما أمسى جاءوه بما كانوا يأتونه به من الطعام، فلم يأكل إلا قليلا، وباللقحة فلم يصب من حليبها إلا يسيرا، فقال (صلى الله عليه وآله): ((إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء، وإن المسلم يأكل في معاء واحد)).

قال ابن هشام: فبلغني أنه خرج معتمرا، حتى إذا كان ببطن (مكة) لبى فكان أول من دخل (مكة) يلبي، فأخذته قريش فقالوا: لقد اجترأت علينا، فلما قدموه ليضربوا عنقه، قال قائل منهم: دعوه فإنكم تحتاجون إلى (اليمامة) لطعامكم، فخلوه، فقال الحنفي:

ومنا الذي لبى ب(مكة) معلنا ... برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم

ثم خرج إلى (اليمامة) فمنعهم أن يحملوا إلى (مكة) شيئا، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنك تأمر [بصلة الرحم](2)، وإنك قد قطعت [بين](3) ارحامنا، فكتب إليه أن يخلي بينهم (4) وبين الميرة.

Page 290