قال شيبة: فلما انهزم أصحابه جئته عن يمينه فإذا بالعباس (رضي الله عنه) قائم[عن يمينه](1) عليه درع بيضاء كالفضة، فقلت: عمه لن يخذله، ثم فجئته عن يساره فإذا أنا بأبي سفيان بن الحرث(رضي الله عنه) فقلت: ابن عمه لن يخذله، فجئت من خلفه فلم يبق إلا أسوره بالسيف إذا رفع لي فيما بيني وبينه شواظ من نار كأنه برق وخفت أن يمحشني (2)، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى، فالتفت صلى الله عليه وآله وسلم إلي، وقال: ((يا شيب، أدن مني)) فوضع يده على صدري، وقال: ((اللهم، اذهب عنه الشيطان)) فرفعت رأسي وهو أحب إلي من سمعي وبصري وقلبي، ثم قال -صلى الله عليه وآله- ((يا شيب، قاتل الكفرة)).انتهى.
قال: وقيل: لما انكشف الناس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحارثة بن النعمان الأنصاري: ((كم ترى الناس الذين ثبتوا)) فحزرهم مائة، قال: وهذه المائة هي التي كرت (3) بعد الفرار.
وقال في (الإمتاع) أيضا: قال الحرث بن نوفل: فحدثني الفضل بن العباس، قال: التفت العباس يومئذ وقد أقشع الناس عن بكرة أبيهم فلم ير (4) عليا فيمن ثبت فقال: شوهة نوهة، أفي مثل هذه الحالة يرغب بن أبي طالب بنفسه عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وهو صاحبه فيما هو صاحبه، (يعني [في](5) المواطن المشهورة له).
فقلت: بغض قولك لابن أخيك، أما تراه في الرهج.
قال: أشعره لي يا بني، قلت: هو ذو كذا ذو كذا ذو البردة.
قال: فما تلك البردة.
قلت: سيفه يرفل به بين الأقران.
فقال: بر بن بر فداه عم وخال.
Page 265