244

وقال في (المصابيح) أيضا: أخبرنا علي بن الحسين بن نصر البلخي، بإسناده عن حماد بن بشير، كاتب زيد بن علي عليه السلام أن جعفر بن أبي طالب عليه السلاملم يبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وجه قط إلا جعله على الناس، وهاجر الهجرتين جميعا هجرة (الحبشة)، والهجرة إلى (المدينة)، وأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على من كان من المؤمنين عند (الحبشة)، وهو الذي حاج عمرو العاص والوليد حين بعثهم قريش إلى النجاشي، وأسلم النجاشي على يده، ثم قدم على النبي (صلى الله عليه وعلى آله) وقد فتح (خيبر) وقال: ((ما أدري بأيهما أنا أشد سرورا بقدوم جعفر، أو بفتح خيبر)) ثم أمره على زيد وعبدالله بن رواحة وجميع الناس في غزوة مؤتة، فقطعت يداه، وضرب على جسده نيف وسبعون ضربة، انتهى ماذكره في (المصابيح).

وقال الفقية العلامة أبو الحسين أحمد بن موسى الطبري (رحمه الله تعالى): وأما مؤتة فكان المتولي للأمر فيها جعفر بن أبي طالب -صلوات الله عليه- فقتل، ثم ولى الأمر بعده زيد بن حارثة فقتل رحمه الله، ثم عبد الله بن رواحة الأنصاري (رحمة الله تعالى على جميعهم)، ثم تولى أمر العسكر خالد بن الوليد المخزومي. انتهى.

ومثل هذا ذكره الفقيه العلامة عبد الله بن زيد العنسي في (المحجة )، قال: وهو رأي أهل البيت عليهم السلام وروايتهم.

وقال ابن أبي الحديد: اتفق المحدثون على أن زيد بن حارثة كان هو الأمير الأول، وأنكرت الشيعة ذلك وقالوا: كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأول، وإن قتل فزيد، وإن قتل فعبد الله بن رواحة، ورووا(1) في ذلك روايات.

قال: وقد وجدت في الأشعار التي ذكرها محمد بن إسحاق في (كتاب المغازي) ما يشهد لقولهم فمن ذلك ما رواه عن حسان بن ثابت وهو قوله:

تأوبني ليل ب(يثرب) أعسر ... وهم إذا ما نوم الناس مسهر

إلى قوله:

فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا وزيد وعبد الله حتى تتابعوا ... بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر

Page 247