160

وقدم علي عليه السلام (المدينة) بعدما أدى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الودائع التي كانت عنده، وكان يسير الليل ويكمن النهار حتى تفطرت قدماه، فاعتنقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبكى رحمة له لما بقدميه من الورم، وتفل في يديه وأمرهما على قدميه فلم يشكهما بعد ذلك، حتى قتل -كرم الله وجهه في الجنة-، ونزل على كلثوم بن الهدم، وقيل: على امرأة، والصحيح أنه نزل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على كلثوم بن الهدم، ثم خرج صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة على الصحيح، وأسس صلى الله عليه وآله وسلم حينئذ مسجد قباء كما ذكرناه، وأتاه عبد الله بن سلام فأسلم، وأسلم مخيريق اليهودي، ثم ركب بأمر الله له، وسار على ناقته والناس حوله قد حشدوا ولبسوا السلاح، وذلك ارتفاع النهار من يوم الجمعة، فجعل كلما مر بقوم من الأنصار، قالوا: هلم يا رسول الله إلى القوة والمنعة والثروة، فيقول لهم خيرا ويقول صلى الله عليه وآله: ((دعوها فإنها مأمورة)) فلما أتى مسجد بني سالم جمع من كان معه من المسلمين وهم إذ ذاك مائة رجل، وقيل: أربعون رجلا في حرة بني بياضة، وخطبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي أول جمعة أقامها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الإسلام، وأول خطبة خطبها، ثم ركب ناقته فلم(1) تزل سائرة به وقد أرخى زمامها حتى حاذت دار بني النجار موضع مسجده الآن فبركت ثم نهضت، وسارت قليلا ثم التفتت ورجعت فبركت [في] (2) موضعها الأول.

Page 158