Ali Mudia
الجزء الأول
Genres
قال عبد المطلب: وقد طلع هو وأبو مسعود الثقفي، وكان أبو مسعود رجلا نبيها نبيلا، وكان خليلا لعبد المطلب طلعا جبل حراء ليدبرا رأيا(1) في هذا الشأن، إذ لمح عبد المطلب نحو البحر، فقال لأبي مسعود وقد كان مكفوف البصر إني أرى طيرا بيضاء، أنشأت من شاطئ البحر.
قال: إرمقها ببصرك أين قرارها.
قال: أراها قد أدارت فوق رؤوسنا.
قال: هل تعرفها.
قال: والله، ما أعرفها ما هي بنجدية ولا تهامية ولا عربية ولا شامية، وإنها لطير(2) بأرضنا غير مؤنسة.
فقال: ما قدرها.
قال: أشباه اليعاسيب، في مناقيرها حصى كأنها حصى الحذف قد أقبلت كالأبل تكسع(3) بعضها بعضا، أمام كل رفقة طير يقودها، أحمر المنقار، أسود الرأس، طوال العنق، فجأت حتى إذا حذات العسكر ركدت فوق رؤوسهم، فلما توافت كلها أهالت ما في مناقيرها على من تحتها مكتوب في كل حجر اسم صاحبه، ثم إنها انقلبت راجعة من حيث جاءت، فلما أصبحا انحطا من جبل حراء فمشيا بربوة فلم يوجسا أحدا، ثم دنيا ربوة فلم يسمعا حسا فقالا: القوم سامدين، فأصبحوا نيامى، فلما دنيا من العسكر فإذا هم خامدون، وكانت تقع الحجر على بيضة أحدهم فتحرقها، حتى تقع في دماغه فتحرق الفارس والدابة، وتغيب الحجر في الأرض.
Page 104