كانت النتيجة أنه بقي حبرًا على ورق (كما يقولون)، ولبثت العلوم الدينية مهمَلة على حالها. نعم، إنها تُدَرَّس، ولكن ما الفائدة من تدريسها إذا لم تكن درسًا رسميًا يُفحَص به الطالب ويسقط إذا قصّر فيه؟ وهذا فحص الشهادة الابتدائية: هل في دروسه الرسمية شيء من علوم الدين؟ ومن يقول إن الطالب يجتهد على الدرس ويُعنى به إذا علم أنه لا شأن له في ترفيعه من صفّه أو بقائه فيه؟ هل يدرس الطلاب إلا لأجل الفحص؟ نحن الطلاب في المدارس العالية لا نطالع إلا لأجل الفحص والشهادة، فما قولك بالأطفال؟ وما تكون دروس الدين إذا عرف الطلاب أنها دروس ثانوية لا قيمة لها؟ طبعًا إنها تكون لعبًا وسخرية. هذا هو الواقع!
(٢) التاريخ: إن المدة المخصصة لدراسة التاريخ العربي كله لا تكفي لدولة واحدة من دوله، فيضطر المدرّس إلى الكلام على الدولة الطولونية أو الحمدانية مثلًا في ساعة واحدة أو ساعتين على الأكثر، بل يضطر إلى إهمال كثير من الدول الكبرى، فلا يذكر للتلاميذ أكثرَ من اسمها. والطالب الصغير يدرس في الصف الثاني تاريخ الفنيقيين قبل أن يدرس الخلفاء الراشدين، بل قبل أن يعرف شيئًا عن سيرة محمد ﵊! ويخرج الطالب من المدرسة الابتدائية وقد عرف عن نابليون أكثر مما عرف عن عمر بن الخطاب أو قُتَيبة بن مسلم، وقد علم من تاريخ فرنسا أكثر مما علم من تاريخ الأمويين! وهاكم التلاميذ: سلوا أشدَّهم نَباهةً عن نابليون وسَلُوه عمّن شئتم من رجال المسلمين، فإذا عرف عنه كما عرف عن ذاك فأنا الكاذب وأنتم الصادقون!