ولم ينشب الرجل عينيه فيها طويلا، لا عن فروغ بال، وإنما عن خوف. إن التحفز ولو كان من قطة يخيف. خوف حقيقي أصابه من العينين. هاتان البليتان الصغيرتان الخضراوان كانتا قد التهبتا، وانطلقت منهما شعاعات لا ترى، وإنما ترسل الرعدة في أشجع الرجال.
دلدل الرجل ناظريه ولم يملك إلا أن يبتسم؛ فقد واتته - دون أن يدري - صورة أنيسة الحائرة على نفسها الطرية كالخرقة المبتلة وهي تجأر في استغاثة خنفاء قائلة: داووود، داوووود. أجل شتان بينها ساعتذاك وبينها الآن!
واستأنف الهجوم، ولكنه ما لبث أن تراجع حالا؛ إذ ما كادت تراه يقترب حتى قالت: نو! ولم تك ناوا عادية أبدا. خيل إليه أن جسمها كله قد استحال إلى صفارة إنذار أطلقت ناوا حادة راجفة حامية تقشعر لهولها الأبدان. وفي نفس الوقت اندفع إلى وجهها سيال لافح من الانفعالات أخرج حمما من عينيها، وكهرب شواربها، وأبرز أسنانها فبدا فمها كفوهة حية ضخمة من نوع الكوبرا.
ودق قلب الرجل.
دق مرات من الخوف.
ومرات أخرى حين تذكر أن عليه ألا يخاف.
وجمد قلبه.
واشمعنى هوه يعني؟
إن له حنجرة هو الآخر.
وأطلق من حنجرته صوتا عاليا.
Unknown page