العقيدة في الله
العقيدة في الله
Publisher
دار النفائس للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية عشر
Publication Year
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م
Publisher Location
الأردن
Genres
غرابة عن سابقه، بل يفوقه.
لماذا؟ لأنّ العدم لا يوجد شيئًا هذا أمر مقرر في بدائه العقول، ولأن الشيء لا يستطيع أن يوجد نفسه.
والمدينة على النحو الذي نعرفه لا بد لها من موجد، والفعل يشي، ويعرّف بصانعه، فلا بدّ أن تكون المدينة صناعة قوم عقلاء يحسنون البناء والتنسيق.
ولو رأينا إنسانًا انتقل من أسفل بناية إلى أعلاها فلا نستنكر ذلك، ولا نستغربه، لأنّ الإنسان لديه القدرة على ذلك.
فإذا رأينا حجرًا كان في ساحة البناية قد انتقل إلى أعلاها، فإنّنا نجزم بأنّه لم ينتقل بنفسه، بل لا بدّ من شخص رفعه ونقله؛ لأنّ الحجر ليس لديه خاصية الحركة والصعود.
ومن الغريب أنّ الناس يجزمون بأنّ المدينة لا يمكن أن توجد من غير موجد، ولا يمكن أن تبني نفسها، ويجزمون بأنّه لا بدّ للحجر من شخص صعد به إلى أعلى، ولكن يوجد فيهم من يجيز أن يصنع الكون من غير صانع، ويوجد من غير موجد، مع أنّ بناء الكون أشدّ تعقيدًا وأعظم خلقة (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس) [غافر: ٥٧] .
ولكنّ المنكرين عندما يواجهون بذلك بمنطق علمي يخاطب العقل، لا يستطيعون إلا أن يقروا أو يكابروا.
وبهذا الدليل كان علماء الإسلام ولا يزالون يواجهون الجاحدين، فهذا أحد العلماء يعرض له بعض الزنادقة المنكرين للخالق، فيقول لهم: ما تقولون في رجل يقول لكم: رأيت سفينة مشحونة بالأحمال، مملوءة من الأنفال، قد احتوشتها في لجة البحر أمواج متلاطمة، ورياح مختلفة، وهي من بينها تجري مستوية، ليس لها ملاح يُجريها، ولا متعهد يدفعها، هل يجوز في العقل؟ .
قالوا: هذا شيء لا يقبله العقل.
1 / 74