Alam al-Jinn wa al-Shayatin
عالم الجن والشياطين
Publisher
مكتبة الفلاح
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
Publisher Location
الكويت
Genres
كل ذلك صيانة للجناب النبوي، والمقام المحمدي خاتم الرسل، وسيد البشر ﷺ أن ينسب إليه كذب، أو يحدث عنه بما ليس فيه " (١) .
وما احتجوا به من أن الله استثنى إبليس من الملائكة ... ليس دليلًا قاطعًا، لاحتمال أن يكون الاستثناء منقطعًا، بل هو كذلك حقا، للنصّ على أنّه من الجن في قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ...) [الكهف: ٥٠] .
وقد ثبت لدينا بالنص الصحيح أن الجن غير الملائكة والإنس، فقد أخبر المصطفى ﷺ: (أن الملائكة خلقوا من نور، وأن الجن خلقوا من مارج من نار، وأن آدم خلق من طين) . والحديث في صحيح مسلم.
قال الحسن البصري: " لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين " (٢) . والذي حققه ابن تيمية: " أن الشيطان كان من الملائكة باعتبار صورته، وليس منهم باعتبار أصله، ولا باعتبار مثاله " (٣) .
هل الشيطان أصل الجن أم واحد منهم؟
ليس لدينا نصوص صريحة تدلنا على أن الشيطان أصل الجن، أو واحد منهم، وإن كان هذا الأخير أظهر لقوله: (إلاَّ إبليس كان من الجن) [الكهف: ٥٠] .
وابن تيمية ﵀ يذهب إلى أن الشيطان أصل الجن، كما أنّ آدم أصل الإنس (٤) .
المطلب الثالث
قبح صورة الشيطان
الشيطان قبيح الصورة، وهذا مستقر في الأذهان، وقد شبه الله ثمار شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم برؤوس الشياطين، لما علم من قبح صورهم وأشكالهم (إنَّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم - طلعها كأنَّه رُؤُوسُ الشَّياطين) [الصافات: ٦٤-٦٥] .
وقد كان النصارى في القرون الوسطى يصورون الشيطان على هيئة رجل أسود ذي لحية مدببة، وحواجب مرفوعة، وفم ينفث لهبًا، وقرون وأظلاف وذيل (٥) .
المطلب الرابع
الشيطان له قرنان
في صحيح مسلم عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: (لا تَحَرّوا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها، فإنّها تطلع بقرني شيطان) (٦) .
وعن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز الشمس، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب، ولا تَحَيُّنوا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها، فإنّها تطلع بين قرني شيطان) (٧) .
والمعنى أن طوائف المشركين كانوا يعبدون الشمس، ويسجدون لها عند طلوعها، وعند غروبها، فعند ذلك ينتصب الشيطان في الجهة التي تكون فيها الشمس، حتى تكون عبادتهم له.
وقد جاء هذا مصرحًا به في صحي مسلم، فقد سأل عمرو بن عبسة السلمي الرسول عن الصلاة. فقال ﷺ: (صل صلاة الصبح، ثم أقصر الصلاة حتى تطلع الشمس، حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار، ثمّ صلَّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة) .
ثم نهاه عن الصلاة بعد العصر (حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار) (٨) .
وقد نهينا عن الصلاة في هذين الوقتين، والصحيح أن الصلاة في هذين الوقتين جائزة، إذا كان لها سبب كتحية المسجد، ولا تجوز بلا سبب كالنفل المطلق؛ لقوله ﷺ: (لا تَحَيّنوا)؛ أي لا تتقصدوا.
ومما ورد فيه ذكر قرن الشيطان حديث البخاري عن ابن عمر ﵄ قال: رأيت رسول الله ﷺ يشير إلى المشرق، فقال: (ها إنَّ الفتنة هاهنا، إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان) (٩) . والمراد بقوله: (حين يطلع الشيطان)؛ أي جهة الشرق.
طعام الجن وشرابهم ونكاحهم
المطلب الأول
طعامهم وشرابهم
الجن - والشيطان منهم - يأكلون ويشربون، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة ﵁ أن النبي - صل الله عليه وسلم - أمره أن يأتيه بأحجار يستجمر
_________
(١) تفسير ابن كثير: ٤/٣٩٧.
(٢) البداية والنهاية: ١/٧٩.
(٣) مجموع الفتاوى: ٤/٣٤٦.
(٤) راجع مجموع الفتاوى: ٤/٢٣٥، ٣٤٦.
(٥) دائرة المعارف الحديثة: ٣٥٧.
(٦) صحيح مسلم: ١/٥٦٧. ورقمه: ٨٢٨.
(٧) رواه البخاري: ٦/٣٣٥. ورقمه: ٣٢٧٢، ٣٢٧٣. ورواه مسلم إلى قوله: (حتى تغيب): ١/٥٦٨. ورقمه: ٨٢٩.
(٨) رواه مسلم: ١/٥٦٩، ورقمه: ٨٣٢.
(٩) رواه البخاري: ٦/٣٣٦. ورقمه: ٣٢٧٩.
1 / 18