Al-ārāʾ al-fiqhiyya al-muʿāṣira al-maḥkūm ʿalayhā biʾl-shudhūdh fī al-ʿibādāt
الآراء الفقهية المعاصرة المحكوم عليها بالشذوذ في العبادات
Publisher
دار التحبير للنشر والتوزيع - الرياض
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
Publisher Location
السعودية
Genres
المسألة الثانية: أدلة القائلين بطهارة الخمر:
استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:
١/ البراءة الأصلية، فالأصل الطَّهارة حتى يقوم دليل النَّجاسة، ولا دليل هنا، ولا يلزم من التحريم النجاسة؛ بدليل أن السُمَّ حرام وليس بنجس (^١).
ونوقش هذا الدليل بأمور:
- أن البراءة الأصلية إنما يستقيم الاستدلال بها عند عدم المعارض الراجح، أَمَا وقد قام الإجماع على نجاسته فلا براءة.
- ثم إن ماورد في الخمر من تسميتها رجسًا، والأمر باجتنابها، وإراقتها، وكسر دنانها (^٢)، وشق ظروفها (^٣)، وغسل أوانيها،
(^١) انظر: تفسير القرطبي (٦/ ٢٨٨)، الدراري المضية (١/ ٢٣)، السيل الجرار ص (٢٦)، الشرح الممتع (١/ ٤٣١).
(^٢) أخرجه الترمذي (١٢٩٣) عن أبي طلحة ﵁ أنه قال: يا نبي الله، إني اشتريت خمرًا لأيتام في حجري، قال: «أهرق الخمر، واكسر الدنان».
(^٣) أخرجه أحمد (٥٣٩٠) عن عبد الله بن عمر ﵁ قال: خرج رسول الله ﷺ إلى المربد فخرجت معه، فكنت عن يمينه، وأقبل أبو بكر فتأخرت له، فكان عن يمينه وكنت عن يساره، ثم أقبل عمر فتنحيت له فكان عن يساره، فأتى رسول الله ﷺ المربد، فإذا بأزقاق على المربد فيها خمر، قال ابن عمر: فدعاني رسول الله ﷺ بالمُدية [وهي: الشفرة] قال: وما عرفت المُدية إلا يومئذ، فأمر بالزِّقاق فشقت، ثم قال: «لعنت الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وعاصرها، ومعتصرها، وآكل ثمنها». والزِّقاق جمع زِّق بالكسر: وهو الظرف. انظر: المصباح المنير (١/ ٢٥٤)، وفي لسان العرب (١٠/ ١٤٣) والزِّقّ: السِّقاءُ.
فائدة: ترجم البخاري في صحيحه: (باب: هل تكسر الدنان التي فيها الخمر، أو تخرق الزقاق …) وهو يشير بذلك إلى الحديثين الأخيرين في الحاشية، وهما ليسا على شرطه، ثم أسند حديث سلمة بن الأكوع ﵁: أن النبي ﷺ رأى نيرانًا توقد يوم خيبر، قال: «على ما توقد هذه النيران؟»، قالوا على الحمر الإنسية، قال: «اكسروها، وأهرقوها»، قالوا: ألا نهريقها، ونغسلها، قال: «اغسلوا»، قال ابن حجر عن تبويب البخاري: (لم يبين الحكم؛ لأن المعتمد فيه التفصيل فإن كانت الأوعية بحيث يراق ما فيها وإذا غسلت طهرت وانتفع بها لم يجز إتلافها وإلا جاز … فأشار المصنف إلى أن الحديثين إن ثبتا فإنما أمر بكسر الدنان وشق الزقاق عقوبة لأصحابها وإلا فالانتفاع بها بعد تطهيرها ممكن كما دل عليه حديث سلمة أول أحاديث الباب)، ورجح أن ذلك عقوبة = ابنُ تيمية وابنُ القيم، ولايقول بعدم طهارة الظروف بالغسل ووجوب شقها إلا بعض المالكية، خلافًا للجمهور.
1 / 115