Al-Zawājir ʿan Iqtirāf al-Kabāʾir
الزواجر عن اقتراف الكبائر
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Genres
Shāfiʿī Law
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَلِجُ - أَيْ لَا يَدْخُلُ - النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ، وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ» وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵄: لَأَنْ أَدْمَعَ دَمْعَةً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَا تُصِيبُ دُمُوعُ الْإِنْسَانِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ مَكَانًا مِنْ جَسَدِهِ إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَكَانَ عَلَى النَّارِ، وَكَانَ لِصَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ أَيْ فَوَرَانٌ وَغَلَيَانٌ كَغَلَيَانِ الْقِدْرِ عَلَى النَّارِ. وَقَالَ الْكِنْدِيُّ: الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تُطْفِئُ الدَّمْعَةُ مِنْهُ أَمْثَالَ الْبِحَارِ مِنْ النَّارِ. وَكَانَ ابْنُ السِّمَاكِ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَيَقُولُ لَهَا: تَقُولِينَ قَوْلَ الزَّاهِدِينَ وَتَعْمَلِينَ عَمَلَ الْمُنَافِقِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْجَنَّةَ تَطْلُبِينَ أَنْ تَدْخُلِيهَا، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِلْجَنَّةِ قَوْمٌ آخَرُونَ وَلَهُمْ أَعْمَالٌ غَيْرُ مَا نَحْنُ عَامِلُونَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرٍ الصَّادِقِ فَقُلْت لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: يَا سُفْيَانُ لَا مُرُوءَةَ لِكَذُوبٍ وَلَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَلَا إخَاءَ لِمَلُولٍ وَلَا سُؤْدُدَ لِسَيِّئِ الْخُلُقِ، قُلْت: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: يَا سُفْيَانُ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ. تَكُنْ عَابِرًا وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَك تَكُنْ مُسْلِمًا، وَاصْحَبْ النَّاسَ بِمَا تُحِبُّ أَنْ يَصْحَبُوك بِهِ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَلَا تَصْحَبْ الْفَاجِرَ فَيُعَلِّمَك مِنْ فُجُورِهِ، أَيْ لِلْحَدِيثِ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»؛ وَشَاوِرْ فِي أَمْرِك الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ. قُلْت: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: يَا سُفْيَانُ مَنْ أَرَادَ عِزًّا بِلَا عَشِيرَةٍ وَهَيْبَةً بِلَا سُلْطَانٍ فَلْيَخْرُجْ مِنْ ذُلِّ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ، قُلْت: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: أَدَّبَنِي أَبِي بِثَلَاثٍ: قَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ إنَّ مَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ السُّوءِ لَا يَسْلَمْ، وَمَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السُّوءِ يُتَّهَمْ، وَمَنْ لَا يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: سَأَلْتُ وُهَيْبَ بْنَ الْوَرْدِ أَيَجِدُ طَعْمَ الْعِبَادَةِ مَنْ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى؟ قَالَ لَا، وَلَا مَنْ يَهُمُّ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَرْجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ: الْخَوْفُ هُوَ النَّارُ الْمُحْرِقَةُ لِلشَّهَوَاتِ، فَإِذًا فَضِيلَتُهُ بِقَدْرِ مَا يَحْرُقُ مِنْ الشَّهْوَةِ وَبِقَدْرِ مَا يَكُفُّ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَيَحُثُّ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ الْخَوْفُ ذَا فَضِيلَةٍ وَبِهِ تَحْصُلُ الْعِفَّةُ وَالْوَرَعُ وَالتَّقْوَى وَالْمُجَاهَدَةُ وَالْأَعْمَالُ الْفَاضِلَةُ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ ﷾؟ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٤]
1 / 28