16

Al-Zawajir 'an Iqtiraf al-Kabair

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

قَدَّمْتهَا هُنَا لِتَكُونَ إنْ شَاءَ اللَّهُ زَاجِرَةً عَنْ اقْتِحَامِ حِمَى الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ، الْمُوجِبَةِ لِلْهَلَاكِ وَالْبُعْدِ وَالطَّرْدِ عَنْ دَارِ السَّلَامِ. وَلِلْخِزْيِ وَالْهَوَانِ وَالذِّلَّةِ وَالْخُسْرَانِ وَالْبَوَارِ وَالدَّمَارِ وَالْوَبَالِ وَالْعِثَارِ لَا سِيَّمَا فِي دَارِ الْقَرَارِ. اعْلَمْ وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِطَاعَتِهِ، وَأَنَالَنَا مِنْ سَوَابِغِ رِضَاهُ وَمَهَابَتِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَذَّرَ عِبَادَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ بِمَا أَعْلَمَهُمْ بِهِ مِنْ نَوَامِيسِ رُبُوبِيَّتِهِ وَأَقَامَهُ مِنْ سَطَوَاتِ قَهْرِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ [الزخرف: ٥٥] أَيْ أَغْضَبُونَا ﴿انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [الزخرف: ٥٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [الأعراف: ١٦٦] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر: ٤٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ [النساء: ١٢٣] وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . وَفِيهِمَا أَنَّهُ ﷺ قَالَ: «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ فَلِذَا حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللَّهِ ﷿» . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: «إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا أَذْنَبَ نُكِتَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ فَإِنْ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ»: أَيْ تُغَشِّيهِ وَتُغَطِّيهِ تِلْكَ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ ﷺ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .

1 / 19