70

Al-Wajīz fī fiqh al-Imām al-Shāfiʿī

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Editor

علي معوض وعادل عبد الموجود

Publisher

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

بِسْمِ اللَّه الرّحمن الرَّحيم

رَبِّ بَارِكْ وَيَسِّرْ

أحْمَدُ الله عَلَى نِعَمِهِ السَابِغَةِ، ومِنَنِهِ السَّائِغَةِ، وأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ بِمَعْرِفَةٍ يُسْتَحْقَرُ فِي ضِيَائِهَا نُورُ الشَّمْسِ البَازِغَةِ، وَبَصِيرَةٍ تَنْخَنِسُ دُونَ بَهَائِهَا وَسَاوِسُ الشَّيَاطِينِ النَّازِغَةِ، وهِدَايَةٍ يَنْمَحِقُ فِي رُوَائِهَا أباطيلُ الخَيَالاَتِ الزَّائَغَةِ، وطُمَأْنِينَةٍ تَضْمَحِلُّ في أرْجَائِهَا تَخَابَلُ المَقَالَتِ الفَارِغَةِ، وأُصَلِّي عَلَى المُصْطَفَى مُحَمَّدِ المُبْعُوثِ بالآيَاتِ الدَّامِغَةِ، المُؤَيَّدِ بِالحُجَجِ البَالِغَةِ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِينَ إِزْغَاماً لِأُنُوفِ المُبْتَدِعَةِ النَّابِغَةِ.

﴿أَمَّا بَعْدُ﴾ فإنِّي مُتْحِفُكَ أَيُّهَا السَّائِلُ المُتَلَطُّفُ، والحَرِيصُ المُتَشَوِّفُ بِهَذَا الوَجِيزِ الَّذِي أُشْتَدَّتْ إِلَيْهِ ضَرُورَتُكَ وَأَفْتِقَارُكَ، وَطَالَ فِي نَيْلِهِ أَنْتِظَارُكَ، بَعْدَ أنْ مَخَضْتُ لَكَ فِيهِ جُمْلَةَ الْفِقْهِ فَاسْتَخْرَجْتُ زُبْدَتَهُ، وتَصَفَّحْتُ تَفَاصِيلَ الشَّرْع، فانْتَقَيْتُ صَفْوتَهُ وَعُمْدَتَهُ، وَأَوْجَزْتُ لَكَ المَذْهَبَ البَسيطَ الطَّويلَ، وَخَفَّفْتُ عَنْ حِفْظِكَ ذَلِك الْعِبَءَ الثَّقِيلَ، وأدْمَجْتُ جَمِيعَ مَسَائِلِهِ بأصولِهَا وَفَروعِهَا بألْفَاظٍ مُحَررةٍ لَطِيفَةٍ، في أوْراقٍ مَعْدُودَةٍ خَفِيفَةٍ وَعَبَّأْتِ فِيهَا الفُرُوعَ الشَّوَارِدَ، تَحْتَ مَعَاقِدِ القَوَاعِدِ، وَنَبَّهْتُ فِيهَا بِالرُّمُوزِ، على الكُنُوزِ، وَأَكْتَفَيْتُ عَنْ نَقْلِ المَذَاهِبِ والوجوه البعيدة بنقل الظاهر من مذهب الإمامِ الشَّافِعِيِّ المُطَّلِبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ، ثُمَّ عَرَّفْتُكَ مَذْهَبَ مَالِكٍ وأبي حَنِفَةَ والمُزَنِيِّ وَالوُجُوهِ الْبَعِيدَةَ لِلأصْحَابِ بِالعَلَامَاتِ، والرُّقُومِ المَرْسُومَةِ بِالحُمْرَةِ فَوْقَ الكَلِمَاتِ، فَالمِيمُ عَلَاَمَةُ مَالِكِ، والحَاءُ عَلَمَةُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالزَّايُ عَلَاَمَةُ المُزَنِيِّ، فَأَسْتَدِلُّ بِإِثْبَاتِ هَذِهِ العَلَمَاتِ فَوْقَ الكَلِمَاتِ عَلَى مُخَالَفَتَهِمْ فِي تِلْكَ المَسَائِلِ، وبالوَارِ بالحُمْرَةِ فَوْقَ الكِلَمِةِ عَلَى وَجْهِ أو قَوْلٍ بَعِيدٍ مُخَرَجٍ لِلأصْحَابِ، وبالنَّقْطِ بَيْنَ الكَلِمَتَيْنِ، عَلَى الفَصْلِ بَيْنَ المَسْألَتَيْنِ، كُلَّ ذَلِكَ حَذَراً مِنَ الإِطْنَابِ، وَتَنْحَيَةً لِلِقِشْرِ عن اللُّبَابِ، فَتَحَرَّرَ الْكِتَابُ مَعَ صِغَرِ حَجْمِهِ، وَجَزَالَةٍ نَظْمِهِ، وَبَدِيع تَرْتِيبِهِ، وَحُسْنِ تَرْصِيعِهِ وَتَهْذِيبِهِ، حَاوِياً لِقَوَاعِدِ المَذْهَبِ مَعَ فُرُوعٍ غَرِيبَةٍ، خَلاَ عَنْ مُعْظَمِهَا المَجْمُوعَاتُ الْبَسِيطَةُ، فَإِنْ أَنْتَ تَشَمَّرْتَ لِمُطَالَعَتِهَا، وأدْمَنْتَ مُرَاجَعَتَهَا، وَتَفَطَّنْتَ لِرُمُوزِهَا وَدَقَائِقِهَا، المَرْعِيَّةِ في تَرْتِيبِ مَسَائِلِها، أَجْتَزَأْتَ بِهَا عَنْ مُجَلَّدَاتٍ تَقِيلَةٍ، فِهِيَ عَلَى التَّحْقِيقِ إذا تأمَّلْتَهَا قَصِيرَةٌ عَنْ طَوِيلَةٍ، فَكَمْ مِنْ كَلِمٍ كَثِيرَةٍ فَضَلَتْهَا كَلِمٌ قَلِيلَةٌ، فَخَيْرُ الكَلامِ مَا قَلَّ وَدَلَّ وَمَا أمَلَّ، فَنَسْألُ الله عَزَّ وجَلَّ، أَنْ يَدْفَعَ عَنَّا كَيْدَ الشَّيْطَانِ إِذَا اسْتَهْوَى وَأَسْتَزَلَّ، ألاَّ يَجْعَلَّنَا مِمَّنْ زَاغَ عَنِ الحَقِّ وَضَلَّ، وَأَنْ يَعْفُوَ عَمَّا طغى به القلم او زَلَّ فهو أحق من أسدى إلَى عِبادِه سُؤلَهُمْ وَأزَلَّ.

وقد اخذه الغزالي من البسيط والوسيط له، وزاد في أموراً، وهو كاتب جليل، عمدة في مذهب الشافعي، وقد اعتنى به الأئمه، فشرحه الإمام فخر الدين محمد ابن عمر الرازي المتوفي سنه ٦٠٦ ست و ستمائة.

70