5

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Investigator

علي معوض وعادل عبد الموجود

Publisher

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

بسم الله الرحمن الرحيم

«إِضَاءَةٌ عَلَى العَصْرِ الَّذِي عَاشَ

فِيهِ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ»

مما لا شَكَّ فيه أن تكوين شَخْصِيَّةِ الإنْسَان ما هي إلا مَجْمُوعَةٌ من الرَّوَافِدِ البيئية، والحياتية، والفكرية، والاجتماعية، والسياسية للزمن والمكان اللذين يعيش فيهما ذلك الإنسان.

فمن المَعْرُوفِ أن الإِنْسَانَ يتأثَّر ويؤثِّر في المجتمع، أو في العصر الذي يعيشه، فما هو إلا نِتَاجُ فِكْر أو مُحَصِّلة فكر هذا المجتمع، وهو بدوره أي الإنسانُ يؤثرُ في المجتمع ويَلعبُ دَوْراً في تحديدِ فكره، لا سيما إذا كان عالماً أو إماماً مثل الغزالي.

فلقد كان الغَزَاليُّ صُورَةً لعصره الذي عَاشَ فيه ويلاحظ القارىء لترجمته، أو لسيرته - بوضوح - أنَّ الغزالي تأثر بعصره، وأثر فيه.

ودِرَاسَةُ هذه المُؤَثِّرَاتِ لها دَوْرٌ في تَحْدِيدِ شَخْصِيَّة الكاتب، أو العالم، وتبيين الأعمدة الأساسية التي تَرْتَكِزُ عليها، والتي كوَّنت وجهة نَظَرِهِ في الحياة، وفي الناس، وفي المبادىء والأفكار.

مِن أجل هذا سنتكلَّم بشَيْءٍ مِنَ الإيجاز عن العَصْرِ الذي عاش فيه الغَزاليُّ، ونكتفي بوضع صُورَةٍ قَريبة من الواقع للحالة العامَّةِ في عَصْرِهِ، ليتمثّل القارىء زمان الغزالي ومَكانه، وليعرف ما تمسُّ الحاجة إليه مما أثر بالفعل في حياته العقلية.

وحيث أنَّ الإمَامَ الغزاليَّ من أبناء القَرْنِ الخامس الهجري، فإننا سوف نتكلّم بإيجاز عن هذا القرن لِنُحَدِّدَ بعض مَلاَمِحِهِ العامّة، ليضيء لنا ذلك كثيراً من جَنَبَاتِ حَيَاتِهِ وشخصيتِهِ.

يمتد القرن الخامس الهجري من سنة ١٠١٠ م، إلى سنة ١١٠٦ م، وفي هذا القرن ذهبت دول إسلامية وقامت دول إسلامية أخرى بدلها بحكم القوة، فقامت الدولة السلجوقية بالمَشْرِقِ سنة ٤٣١ هـ - ١٠٣٩ م، إذ توطد فيها ملك طغريل بك وأخيه داود ابنى ميكائيل بن سلجوق بخراسان، وقامت بين الدولة الغزنوية وهذه الدولةِ النَّاشِئَةِ حُرُوبٌ انتهت بِفَوْزِهَا عليها، ثم أَخَذ مُلْكُهَا يمتد إلى العراق إلى أن استولى طغريل بك على بغداد سنة ٤٤٧ هـ - ١٠٥٥ م، وأزال منها دولة بنى بُوَيه، وكان هذا في عهد القائم العَبَّاسي، وقد بلغت هذه الدولة غاية عظمتها في عَهْدِ ملك شاه بن ألب أرسلان، فبلغت من حدود الصين إلى آخر الشام، ومن أقاصي بلاد الإسْلام في الشمال إلى آخر بلاد اليمن، وكان له إتاوة على دولة الروم الشرقية. وقد توفي سنة ٤٨٥ هـ - ١٠٩٢ م، ولكن حصل بعد وفاته انقسام بين ابنيه محمود وبركيارق على الملك، وقامت بينهما حروب كان لها أثر سيء في هذه الدولة.

5