17

Al-Tuhfah al-Sunniyah Sharh Manzumat Ibn Abi Dawud al-Ha'iyyah

التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية

Publisher

مطابع أضواء المنتدى

Genres

الأمر الأول: أن الكلام صفة لله، فالقرآن كلام الله وليس كلام أحد من المخلوقين، وإضافته إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، بخلاف المعتزلة الذين قالوا هو من باب إضافة المخلوق إلى الخالق. والمضافات إلى الله تعالى نوعين: مضاف إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف مثل سمع الله وبصر الله وقدرة الله وكلام الله وعلم الله، وضابطه ما إذا كان المضاف وصفًا لا يقوم إلا بموصوف، ومضاف إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى الخالق مثل عبد الله وأمة الله وناقة الله وبيت الله، وضابطه ما إذا كان المضاف عينًا قائمًا بنفسه. وهكذا الشأن فيما قال فيه "من الله" فقد يكون منه وصفًا، وقد يكون منه خلقًا. فقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (السجدة: من الآية١٣) . القول وصف للرب سبحانه ونعت من نعوته. وقوله: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ (الجاثية: من الآية١٣) . ما في السماوات وما في الأرض جميعًا هو من الله خلقًا وإيجادًا. وفي هذا الباب ضل طائفتان: المعتزلة حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة خلق وإيجاد؛ ليصلوا إلى مبتغاهم وهو القول بأن كلام الله مخلوق، وغلاة الصوفية حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة وصف؛ ليصلوا إلى مبتغاهم وهو القول بالحلول ووحدة الوجود تعالى الله عما يصفون. والحق وسط بين ذلك، والحاصل أن إضافة الكلام إلى الله ﷿ من باب إضافة الصفة إلى الموصوف.

1 / 19