65

At-Tawhid

التوحيد

Investigator

كاظم المظفر

Publisher

مؤسسة الوفاء

Edition Number

الثانية

Publication Year

1404 AH

Publisher Location

بيروت

يعمدون إلى الحب فيقطعونه قطعا. لكيلا ينبت فيفسد عليهم، فإن أصابه ندى أخرجوه فنشروه حتى يجف، ثم لا يتخذ النمل الزبية إلا في نشز (1) من الأرض كيلا يفيض السيل فيغرقها، وكل هذا منه بلا عقل ولا روية، بل خلقة خلق عليها لمصلحة من الله جل وعز.

أنظر إلى هذا الذي يقال له الليث (2) وتسميه العامة (أسد الذباب) وما أعطي من الحيلة والرفق في معاشه، فإنك تراه حين يحس بالذباب قد وقع قريبا منه. تركه مليا حتى كأنه موات لا حراك به، فإذا رأى الذباب قد أطمأن وغفل عنه، دب دبيبا دقيقا، حتى يكون منه بحيث تناله وثبته، ثم يثب عليه فيأخذه، فإذا أخذه اشتمل عليه بجسمه كله، مخافة أن ينجو منه، فلا يزال قبضا عليه، حتى يحس بأنه قد ضعف واسترخى ثم يقبل عليه فيفترسه، ويحيى بذلك منه.

فأما (العنكبوت) فإنه ينسج ذلك النسج، فيتخذه - شركا ومصيدة للذباب، ثم يكمن (3) في جوفه، فإذا نشب فيه الذباب أحال (4) عليه يلدغه ساعة بعد ساعة، فيعيش بذلك منه.

فذلك (5) يحكي صيد الكلاب والفهود، وهذا (6) يحكي صيد الاشراك والحبائل.

فانظر إلى هذه الدويبة الضعيفة، كيف جعل في طبعها ما لا يبلغه الإنسان إلا بالحيلة واستعمال الآلات فيها، فلا تزدري بالشئ إذا كانت

Page 66