188

Al-Tankīl bimā fī Taʾnīb al-Kawtharī min al-abāṭīl - Ṭ. al-Maktab al-Islāmī

التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل - ط المكتب الإسلامي

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition

الثانية

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Genres

جمع السنة من كل وجه. وقد علم من الشريعة أنه ليس على العالم الإحاطة بالعلم كله، وأن من شهد له أهل العلم بأنه عالم، فإنما عليه إذا احتاج إلى قضاء أو فتوى أن ينظر في كتاب الله ﷿ وفيما يعلمه من السنة، فإن لم يجد فيهما النص على تلك المسألة سأل من يسهل عليه ممن يرجو أن يكون عنده دليل فإن لم يجد وعرف أن لبعض الصحابة قولًا في تلك المسألة لم يعلم له مخالفًا أخذ به وإن علم خلافًا رجح، فإن لم يجد قول صحابي ووجد قول تابعي ممن تقدمه لم يعلم له مخالفًا فيه أخذ به وإن علم خلافًا رجح.
وكان الغالب في الترجيح أن يرجح العالم قول من كان ببلده من الصحابة أو التابعين لمزيد معرفته بهم المقتضية لزيادة الوثوق هذا مع ما للإلف والعادة من الأثر الخفي. فإن لم يجد شيئًا مما تقدم اجتهد رأيه وقضى وأفتى بما يظهر له.
ثم إذا قضى أو أفتى مستندًا إلى شيء مما تقدم ثم وجد دليلًا أقوى مما استند إليه يخالف ما ذهب إليه سابقًا أخذ من حينئذ بالأقوى. على هذا جرى الخلفاء الراشدون وغيرهم كما هو مبسوط في مواضعه ومنها (إعلام الموقعين) .
وكان كثير من أهل العلم من الصحابة وغيرهم يتقون النظر فيما لم يجدوا فيه نصًا، وكان منهم من يتوسع في ذلك، ثم نشأ من أهل العلم ولا سيما بالكوفة من توسع في ذلك، وتوسع في النظر في القضايا التي لم تقع وأخذوا يبحثون في ذلك ويتناظرون ويصرفون أوقاتهم في ذلك، واتصل بهم جماعة من طلبة العلم تشاغلوا بذلك ورأوه أشهى لأنفسهم وأيسر عليهم من تتبع الرواة في البلدان والإمعان في جمع الأحاديث والآثار، ومعرفة أحوال الرواة وعاداتهم والإمعان في ذلك ليعرف الصحيح من السقيم والصواب من الخطأ والراجح من المرجوح، ويعرف العام والخاص والمطلق والمبين وغير ذلك، فوقعوا فيما روي عن عمر بن الخطاب ﵁ أنه قال: «إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها فقالوا في الدين برأيهم» راجع (إعلام

1 / 205