Al-Talwih fi Kashf Haqaiq al-Tanqih

Sa'd al-Din al-Taftazani d. 792 AH
21

Al-Talwih fi Kashf Haqaiq al-Tanqih

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Publisher

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Edition Number

١٣٧٧ هـ

Publication Year

١٩٥٧ م

Publisher Location

مصر

(وَقَدْ زَادَ الْبَعْضُ أَوْ الْوَضْعِ لِيَدْخُلَ الْحُكْمُ بِالسَّبَبِيَّةِ وَالشَّرْطِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا) اعْلَمْ أَنَّ الْخِطَابَ نَوْعَانِ، إمَّا تَكْلِيفِيٌّ، وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوْ التَّخْيِيرِ، وَإِمَّا وَضْعِيٌّ، وَهُوَ الْخِطَابُ بِأَنَّ هَذَا سَبَبُ ذَلِكَ أَوْ شَرْطُهُ كَالدُّلُوكِ سَبَبٌ لِلصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فَلَمَّا ذَكَرَ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ، وَهُوَ التَّكْلِيفِيُّ وَجَبَ ذِكْرُ النَّوْعِ الْآخَرِ، وَهُوَ الْوَضْعِيُّ وَالْبَعْضُ لَمْ يَذْكُرْ الْوَضْعِيَّ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الِاقْتِضَاءِ أَوْ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مِنْ كَوْنِ الدُّلُوكِ سَبَبًا لِلصَّلَاةِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الدُّلُوكُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ وَالْوُجُوبُ مِنْ بَابِ الِاقْتِضَاءِ لَكِنَّ الْحَقَّ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ تَعَلُّقُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ لَيْسَ هَذَا وَلُزُومُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ــ [التلويح] الْأَشَاعِرَةِ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ بِخِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَالْخِطَابُ فِي اللُّغَةِ تَوْجِيهُ الْكَلَامِ نَحْوَ الْغَيْرِ لِلْإِفْهَامِ، ثُمَّ نُقِلَ إلَى مَا يَقَعُ بِهِ التَّخَاطُبُ، وَهُوَ هَاهُنَا الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ الْأَزَلِيُّ وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا يُسَمَّى فِي الْأَزَلِ خِطَابًا فَسَّرَ الْخِطَابَ بِالْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ لِلْإِفْهَامِ أَوْ الْكَلَامِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ إفْهَامُ مَنْ هُوَ مُتَهَيِّئٌ لِفَهْمِهِ، وَمَعْنَى تَعَلُّقِهِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ تَعَلُّقُهُ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ حُكْمٌ أَصْلًا، إذْ لَا خِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الْأَفْعَالِ فَدَخَلَ فِي الْحَدِّ خَوَاصُّ النَّبِيِّ ﵇ كَإِبَاحَةِ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ مِنْ النِّسَاءِ وَخَرَجَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَحْوَالِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَنْزِيهَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَا يُقَالُ إضَافَةُ الْخِطَابِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ إلَّا خِطَابُهُ تَعَالَى وَقَدْ وَجَبَ طَاعَةُ النَّبِيِّ ﵇ وَأُولِي الْأَمْرِ وَالسَّيِّدِ فَخِطَابُهُمْ أَيْضًا حُكْمٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَجَبَتْ طَاعَتُهُمْ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهَا فَلَا حُكْمَ إلَّا حُكْمُهُ تَعَالَى، ثُمَّ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْقَصَصُ الْمُبَيِّنَةُ لِأَحْوَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَأَفْعَالِهِمْ وَالْأَخْبَارُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَعْمَالِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَحْكَامًا فَزِيدَ عَلَى التَّعْرِيفِ قَيْدٌ يُخَصِّصُهُ وَيُخْرِجُ مَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَفْرَادِ الْمَحْدُودِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ بِالِاقْتِضَاءِ أَوْ التَّخْيِيرِ، فَإِنَّ تَعَلُّقَ الْخِطَابِ بِالْأَفْعَالِ فِي الْقَصَصِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ الْأَعْمَالِ لَيْسَ تَعَلُّقَ الِاقْتِضَاءِ أَوْ التَّخْيِيرِ، إذْ مَعْنَى التَّخْيِيرِ إبَاحَةُ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ لِلْمُكَلَّفِ، وَمَعْنَى الِاقْتِضَاءِ طَلَبُ الْفِعْلِ مِنْهُ مَعَ الْمَنْعِ عَنْ التَّرْكِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ أَوْ بِدُونِهِ، وَهُوَ النَّدْبُ أَوْ طَلَبُ التَّرْكِ مَعَ الْمَنْعِ عَنْ الْفِعْلِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ أَوْ بِدُونِهِ، وَهُوَ الْكَرَاهَةُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ قَوْلِهِمْ بِالِاقْتِضَاءِ أَوْ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ قَيْدَ الْحَيْثِيَّةِ مُرَادٌ وَالْمَعْنَى خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ وَلَيْسَ تَعَلُّقُ الْخِطَابِ بِالْأَفْعَالِ فِي صُوَرِ النَّقْضِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ (وَقَدْ زَادَ الْبَعْضُ) اعْتَرَضَتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْخِطَابَ عِنْدَكُمْ قَدِيمٌ وَالْحُكْمُ حَادِثٌ لِكَوْنِهِ مُتَّصِفًا بِالْحُصُولِ بَعْدَ الْعَدَمِ كَقَوْلِنَا حَلَّتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا لَمْ تَكُنْ حَلَالًا وَلِكَوْنِهِ مُعَلَّلًا بِالْحَادِثِ كَقَوْلِنَا حَلَّتْ بِالنِّكَاحِ

1 / 22