Tabsira Fi Usul Fiqh
التبصرة في أصول الفقه
Investigator
محمد حسن هيتو
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1403 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Jurisprudence
وَلِأَن قَوْله افْعَل متصرف من قَوْله فعلت والمتصرف من كل فعل لَا يدل إِلَّا على مَا يدل عَلَيْهِ الْفِعْل ثمَّ ثَبت أَن قَوْله فعلت يَقْتَضِي وجود الْفِعْل فَوَجَبَ أَن يكون قَوْله افْعَل يَقْتَضِي إِيجَاد الْفِعْل
احْتَجُّوا بِأَن هَذِه الصِّيغَة ترد وَالْمرَاد بهَا الْأَمر كَمَا قُلْتُمْ وَترد وَالْمرَاد بهَا التهديد وَترد وَالْمرَاد بهَا التَّعْجِيز وَترد وَالْمرَاد بهَا التكوين على مَا مضى فِي الْمَسْأَلَة قبلهَا وَلَيْسَ حمله على بعض هَذِه الْأَحْوَال بِأولى من بعض فَوَجَبَ التَّوَقُّف فِيهَا كَمَا يتَوَقَّف فِي الْأَسْمَاء الْمُشْتَركَة مثل اللَّوْن وَالْعين وَغَيرهَا
وَالْجَوَاب أَن هَذِه الصِّيغَة بمجردها مَوْضُوعَة للاستدعاء وَإِنَّمَا تحمل على مَا عَداهَا بِقَرِينَة من شَاهد الْحَال وَغَيره وتفارق اللَّوْن وَالْعين فَإِن تِلْكَ الْأَشْيَاء لم تُوضَع لشَيْء معِين وَلِهَذَا لَو أَمر عَبده أَن يصْبغ لَهُ الثَّوْب بلون لم يسْتَحق الذَّم بِأَيّ صبغ صبغه وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ اسْقِنِي مَاء اسْتحق الذَّم بترك الإسقاء وَلَو كَانَ قَوْله اسْقِنِي مُشْتَركا بَين الْفِعْل وَالتّرْك كاشتراك اللَّوْن بَين السوَاد وَالْبَيَاض لما اسْتحق الذَّم والتوبيخ بِتَرْكِهِ
وَلِأَن أهل اللُّغَة لم يجْعَلُوا اللَّوْن لشَيْء بِعَيْنِه بل جعلُوا ذَلِك اسْما للون غير معِين وعولوا فِي التَّعْيِين على الْوَصْف فَقَالُوا لون أَحْمَر ولون أصفر ولون أسود
وَلَيْسَ كَذَلِك هَهُنَا
فَإِن أهل اللُّغَة والنحو جعلُوا قَوْله افْعَل للاستدعاء وَوَضَعُوا للترك لفظا آخر فَافْتَرقَا
قَالُوا إِثْبَات الصِّيغَة لِلْأَمْرِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بِالْعقلِ وَلَا مجَال لَهُ فِيهِ
1 / 24