Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

Muhammad Abu Zahra d. 1394 AH
19

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Edition Number

الثانية

Publication Year

1398 AH

وأنزل بنزولهم ، فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار، وأذكر الآداب والأخبار، ولقد بلغ من حفظه لأشعار الهذيلين وأخبارهم أن الأصمعي، ومكانته من اللغة مكانته، قال: صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس.

ويظهر أن مقامه في البادية أمداً طويلاً، وهو عشر سنين كما ذكر ابن كثير في إحدى الروايات، جعله يتخير من عادات أهل البادية ما يراه حسناً، فقد تعلم الرماية وأغرم بها وأجادها، حتى كان يرمي من السهام عشراً تصيب كلها. فقد جاء على لسانه قوله: وكانت همتي في شيئين: في الرمي، والعلم، فصرت في الرمي بحيث أصيب من عشرة عشرة، ثم سكت عن العلم، فقال بعض الحاضرين: أنت والله في العلم أكثر منك في الرمي.

هذه تربية الشافعي الأولى، وهي أمثل تربية عربية في ذلك الإبان، حفظ القرآن، وطلب الحديث، وتوضح بالفصحى، وتربية على الفروسية، وتعرف لأحوال الحواضر والبوادي.

١٣ - طلبه العلم : طلب الشافعي العلم بمكة على من كان فيها من الفقهاء والمحدثين فيها، وبلغ شأواً عظيماً، حتى لقد أذن له بالفتيا مسلم ابن خالد الزنجي وقال له: أفت يا أبا عبد الله، فقد آن لك أن تفتى.

وكان يصح أن يقف الشافعي عند هذا القدر، وقد بلغ منزلة الإفتاء، ولكن همته في طلب العلم لا تقف به عند حد، لأن العلم ليس له حدود وأقطار، فقد وصل إليه خبر إمام المدينة مالك رضي الله عنه، وكان ذلك في وقت انتشر اسم مالك في الآفاق وتناقلته الركبان، وبلغ شأواً من العلم والحديث بعيداً، فسمت همة الشافعي إلى الهجرة إلى يثرب في طلب العلم، ولكنه لم يرد أن يذهب إلى المدينة خالي الوفاض من علم مالك رضي الله عنه، فقد استعار الموطأ من رجل بمكة، وقرأه، والروايات تقول إنه حفظه، ولعل حفظه الموطأ، وقراءته، كانت مضاعفة لباعث الذهاب لإمام دار الهجرة، فقد استطاع أن يستأنس منه بفقه مالك رضي الله عنه مع ما رواه من أحاديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه.

19