Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

Muhammad Abu Zahra d. 1394 AH
17

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Edition Number

الثانية

Publication Year

1398 AH

يا قوت فى إحدى الروايات عن الشافعى أنه قال : ولدت بغزة سنة خمسين ومائة، وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين، وروى عنه أنه وصل إلى مكة وهو فى العاشرة، فلقد قال الخطيب فى تاريخ بغداد بسند متصل إلى الشافعى أنه قال: ولدت باليمن فخافت أمى على الضيعة، وقالت ألحق بأهلك فتكون مثلهم، فإنى أخاف أن تغلب على نسبك، فجهزتنى إلى مكة فقدمتها وأنا يومئذ ابن عشر أو شبيه بذلك، فسرت إلى نسيب لى وجعلت أطلب العلم. ولا شك أن بين الروايتين تعارضاً فى الظاهر، وقد يمكن الجمع بينهما بأنها كانت تتردد بين مكة وأحياء قومها اليمن بفلسطين، وأن الانتقال الأول كان، وهو ابن سنتين لتعرف أهله به، وتنسبه إليهم، وأن انتقاله، وهو ابن عشر ليقيم بين ذويه يتثقف بثقافتهم، ويعيش بيهم ويكون منهم.

والأخبار تتفق بعد ذلك على أنه عاش عيشة اليتامى الفقراء، فالشافعى إذن قد ولد ذا نسب رفيع شريف، هو أشرف الأنساب فى زمانه، ولا يزال أشرف الأنساب على مر الدهور، ولكنه عاش عيشة الفقراء إلى أن استقام عوده، والنشأة الفقيرة مع النسب الرفيع تجعل الناشىء ينشأ على خلق قويم، ومسلك كريم، إن انتفت الموانع، ولم يكن ثمة شذوذ، ذلك بأن علو النسب وشرفه يجعل الناشىء منذ نعومة أظفاره يتجه إلى معالى الأمور، ويتجافى عن سفسافها ويرتفع عن الدنايا، فلا الفقر منه بذل، ولا يتطامن عن ضعة، ولا يرضى بالدنية، ويسعى إلى المجد بهمة وجلد، ليرفع خسيسة الفقر، وذل الحاجة، ثم إن نشأته فقيراً مع ذلك الطموح بنسبه، يجعله يحس بإحساس الناس، ويندمج فى أوساطهم، ويتعرف خبيئة نفوسهم، ودخائل مجتمعهم، ويستشعر بمشاعرهم، وذلك أمر ضرورى لكل من يتصدى لعمل يتعلق بالمجتمع، وما يتصل به فى معاملاته وتنظيم أحواله، وتوثيق علائقه، وإن تفسير الشريعة، واستخراج حقائقها، والكشف عن موازينها ومقاييسها، يتقاضى الباحث ذلك.

يروى أن محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة كان يذهب إلى الصباغين،

(م ٢ - الشافعى)

17