Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
Genres
بعض فضائل سعد بن عبادة ﵁
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم أما بعد: فمع الدرس السابع من دروس الصديق ﵁ وأرضاه، في الحلقة السابقة تحدثنا عن المصيبة الكبرى والبلية العظمى التي عصفت بالمدينة المنورة، وكادت أن تطيش بعقول الصحابة لولا أن الله ﷿ من على المسلمين بـ الصديق ﵁ وأرضاه، تلك المصيبة هي وفاة الرسول ﷺ.
وفصلنا في الفتن المتعددة التي مرت بالمسلمين بعد وفاته ﷺ، وكانت هلكة المدينة محققة إذا لم ينتخب خليفة لها في أسرع وقت.
وذكرنا إسراع الأنصار ﵃ أجمعين بالذهاب إلى سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة اعتقادًا منهم أن هذا حق لهم لا ينازعهم فيه أحد، وذكرنا مبرراتهم في ذلك، ثم ختمنا الحلقة السابقة بوصول نبأ اجتماع الأنصار في السقيفة إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح ﵃ وأرضاهم فذهب ثلاثتهم إلى السقيفة.
في هذه الأثناء وقبل وصول المهاجرين إلى السقيفة كان الأنصار قد خطوا خطوات هامة في عملية اختيار الخليفة، فاجتمع الأنصار أوسهم وخزرجهم على اختيار الصحابي الجليل سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه زعيمًا للمسلمين وخليفة لرسول الله ﷺ، وسعد بن عبادة هو زعيم الخزرج، ومع ذلك أيده كل الأوس، وهذه لا شك فضيلة إيمانية عالية.
فمنذ سنوات قليلة وقبل قدوم رسول الله ﷺ إلى المدينة كانت الحروب على أشدها بين الأوس والخزرج وآخرها يوم بعاث، والذي حدثت فيه مقتلة عظيمة جدًا بين الطرفين: الأوس والخزرج، لكن الآن تغيرت النفوس وتركت حظوظها، وما عادت تفكر إلا في مصلحة هذا الدين، ولم يجد الأوس حرجًا في أن يقدموا زعيم الخزرج للخلافة، وأن يقفوا جميعًا وراءه، ولم يطرحوا اسمًا أوسيًا بديلًا، بل قبلوا به دونما أدنى جدل.
إذًا: الرجل المرشح الأول للخلافة في نظر الأنصار هو سعد بن عبادة، وسعد بن عبادة ﵁ وأرضاه أهل لكل خير، ولو كان الخليفة من الأنصار فسيكون اختيار سعد بن عبادة اختيارًا موفقًا لا ريب فيه.
وتعالوا نتعرف على المرشح الأول للخلافة من قبل الأنصار سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه.
للأسف كثير منا لا يعرف سعد بن عبادة أو يعرفه بصورة مشوهة، فمن هو سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه؟ إنه الصحابي الجليل ﵁ وأرضاه سيد الخزرج، وأحد النقباء يوم العقبة الثانية، ففي يوم العقبة الثانية وضع رسول الله ﷺ على الأنصار اثني عشر نقيبًا كان منهم سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه، وكان شريفًا في قومه، وكان يجير للمطعم بن عدي قوافله المارة بالمدينة، وذلك قبل الإسلام، فهو عريق في الشرف ﵁ وأضاه.
وكان ممن شهد المشاهد مع رسول الله ﷺ، وله مواقف مشهورة في الغزوات ولا سيما في الخندق حيث رفض إعطاء غطفان ثمار المدينة، ونزل رسول الله ﷺ على رأيه في ذلك.
وكان رسول الله ﷺ يجله ويقدره ويكثر من زيارته؛ وذلك لمكانته بين الأنصار ﵃.
يروي قيس بن سعد بن عبادة ﵄: (أن رسول الله ﷺ زارهم في بيتهم فقال: السلام عليكم ورحمة الله، قال قيس: فرد أبي ردًا خفيًا) يعني: أن سعد بن عبادة رد السلام لكن بصوت منخفض فقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بصوت لا يسمعه رسول الله ﷺ، قال قيس: فقلت لأبي: ألا تأذن لرسول الله ﷺ؟ فقال: اتركه حتى يكثر علينا من السلام.
فالرسول ﵊ يقول: (السلام عليكم ورحمة الله) وسيدنا سعد بن عبادة يريد أن يسمع (السلام عليكم) كثيرًا من رسول الله ﷺ، فقال: (اتركه حتى يكثر علينا من السلام، فقال ﷺ: السلام عليكم ورحمة الله، فظن الرسول ﵊ أنه لا أحد بالبيت فرجع، فتبعه سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه فقال: يا رسول الله! إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردًا خفيًا؛ لتكثر علينا م
7 / 2