Al-Risāla al-Tadmuriyya
الرسالة التدمرية
Publisher
المطبعة السلفية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1399 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
العقائد والملل
بِمَنْزِلَةِ دَاخِلِ الْفَلَكِ فِي الْفَلَكِ، وَإِنَّهَا عِنْدَهُ أَصْغَرُ مِنْ الْحِمَّصَةِ وَالْفَلْفَلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي يَدِ أَحَدِنَا، فَإِذَا كَانَتْ الْحِمَّصَةُ أَوْ الْفَلْفَلَةُ. بَلْ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ، أَوْ الْكُرَةُ الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فِي يَدِ الْإِنْسَانِ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، هَلْ يَتَصَوَّرُ عَاقِلٌ إذَا اسْتَشْعَرَ عُلُوَّ الْإِنْسَانِ عَلَى ذَلِكَ وَإِحَاطَتَهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ كَالْفَلَكِ؟ وَاَللَّهُ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَظُنَّ ذَلِكَ بِهِ، وَإِنَّمَا يَظُنُّهُ الَّذِينَ ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: ٦٧].
وَكَذَلِكَ اعْتِقَادُهُمْ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ مَا كَانَ فَلَكًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ مِنْ الْجِهَاتِ السِّتِّ خَطَأٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعَقْلِ، الَّذِينَ يَعْلَمُونَ الْهَيْئَةَ، وَأَهْلُ الْعَقْلِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْقَصْدَ الْجَازِمَ يُوجِبُ فِعْلَ الْمَقْصُودِ بحسب الإمكان.
لقد تَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ خَطَأٌ فِي الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَوَجَّهَ الْقُلُوبُ إلَيْهِ إلَّا إلَى الْعُلُوِّ، لَا إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِهَاتِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يُفْرَضُ مِنْ التَّقْدِيرَاتِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْشُ هُوَ الْفَلَكَ التَّاسِعَ أَوْ غَيْرَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُحِيطًا بِالْفَلَكِ كُرِّيَّ الشَّكْلِ أَوْ كَانَ فَوْقَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ كُرِّيًّا، سَوَاءٌ كَانَ الْخَالِقُ سُبْحَانَهُ مُحِيطًا بِالْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يُحِيطُ بِهَا فِي قَبْضَتِهِ، أَوْ كَانَ فَوْقَهَا مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ مِنَّا التي تلي رؤوسنا، دُونَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى.
فَعَلَى أَيِّ تَقْدِيرٍ فُرِضَ، كَانَ كُلٌّ مِنْ مُقَدِّمَتَيْ السُّؤَالِ بَاطِلَةً،
1 / 38