Al-Qisas Al-Qurani - Yasser Burhami
القصص القرآني - ياسر برهامي
Genres
أثر اسمي الغفور والودود في حياة الناس
قال ﷿: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج:١٢ - ١٤].
ليس البدء والإعادة من صنع الناس، وإنما البدء والإعادة من فعله ﷿، وهو ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [البروج:١٦]، لا يكرهه أحد على شيء، ولا يمنعه أحد من شيء.
أعظم ما يتنعم به أهل الإيمان معرفتهم بأسماء الله وصفاته، وشعورهم بالحب والاختصاص بالمغفرة، فالله اختصهم بمغفرته، فهو الغفور لهم ﷾، الودود الذي يحبهم ويحبونه، ويستشعرون هذا المعنى أضعافًا مضاعفة حين يبذلون أنفسهم في سبيل الله ﷿، ولا تظنوا أن من لم يجد طعامًا فجاع، أو من لم يجد شرابًا نقيًا فعطش، أو من لم يجد فراشًا هنيئًا فنام عليه أنه معذب، لا إنما المعذب من لم يعرف ربه ﷿ وإن نام على أوفر الفراش، وإن وجد ألذ طعام، وإن شرب أحلى شراب، لكنه غائب القلب عن الله ﷾، لم يعرف صفاته، ولم يحب ربه ﷿، فهذا لا ينفعه ما تنعم به، فالله تعالى يقول: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج:١٤]، والمؤمنون يشعرون بهذا الود بينهم وبين ربهم ﷾، وأكثر ما يكون عندما يضحون في سبيله، قال ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة:٥٤].
فهم يجدون الحب والود من الغفور الودود عندما يكونون أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، وعندما يجاهدون في سبيل الله، وعندما لا يخافون في الله لومة لائم، وبهذا يصلون إلى حب الله ﷾.
قال تعالى: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾ [البروج:١٥]، وعرشه من علامات ملكه ﷾، وهو أعظم المخلوقات، ومن دلائل ملكه وعظمته، وهو المجيد ﷿.
قال تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [البروج:١٦]، فلا اعتراض لنا على فعله، بل يفعل ما يشاء، وله الحمد ﷾، ولا نعترض على الله، بل لا بد من حمده على ذلك، ورضانا عنه ﷿ ربًا إلهًا لا خالق لنا سواه ولا مدبر لأمرنا غيره، ولا نتوكل على غيره ولا نخضع لغيره.
1 / 8