Al-Qawl Bima Lam Yusbaq Bihi Qawl
القول بما لم يسبق به قول
Publisher
دار الحضارة للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٤٣ هـ - ٢٠٢٢ م
Publisher Location
الرياض
Genres
ولم يصل إلينا، وقد تعجب العز بن عبدالسلام من هؤلاء، فقال: "وَمِنْ الْعَجَبِ الْعَجِيبِ أَنَّ الْفُقَهَاءَ الْمُقَلِّدِينَ يَقِفُ أَحَدُهُمْ عَلَى ضَعْفِ مَأْخَذِ إمَامِهِ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ لِضَعْفِهِ مَدْفَعًا وَمَعَ هَذَا يُقَلِّدُهُ فِيهِ، وَيَتْرُكُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَقْيِسَةِ الصَّحِيحَةِ لِمَذْهَبِهِ جُمُودًا عَلَى تَقْلِيدِ إمَامِهِ، بَلْ يَتَحَلَّلُ لِدَفْعِ ظَوَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيَتَأَوَّلُهُمَا بِالتَّأْوِيلَاتِ الْبَعِيدَةِ الْبَاطِلَةِ نِضَالًا عَنْ مُقَلِّدِهِ … وَمَا رَأَيْت أَحَدًا رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ إذَا ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ فِي غَيْرِهِ بَلْ يَصِيرُ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِضَعْفِهِ وَبُعْدِهِ، فَالْأَوْلَى تَرْكُ الْبَحْثِ مَعَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إذَا عَجَزَ أَحَدُهُمْ عَنْ تَمْشِيَةِ مَذْهَبِ إمَامِهِ قَالَ لَعَلَّ إمَامِي وَقَفَ عَلَى دَلِيلٍ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَلَمْ أَهْتَدِ إلَيْهِ" (^١).
وقد يكون مؤهلًا للاجتهاد أكثر من إمامه كما قيل عن التقي السبكي "أنه حاز من علوم الاجتهاد ما لم يحزه إمامه الشافعي" (^٢)، فيمنع نفسه من الاجتهاد، ولو اجتهد لأتى بأقوال لا تخالف نصًا ولا إجماعًا قطعيًا، بل قد تكون معها أدلة قوية، وقد يكون فيها تيسير لأمة من الناس، كما اجتهد ابن
(^١) قواعد الأحكام في مصالح الأنام، للعز بن عبدالسلام ٢/ ١٥٩.
(^٢) در الغمام الرقيق، لأحمد الغماري، ص ٤٠.
1 / 128