27

Al-qawāʿid waʾl-ḍawābiṭ al-fiqhiyya fī Kitāb al-Umm liʾl-Imām al-Shāfiʿī

القواعد والضوابط الفقهية في كتاب الأم للإمام الشافعي

Publisher

دار التدمرية

Edition

الأولى

Publication Year

1429 AH

Publisher Location

الرياض

العلة ما انقطع عنه النزف، وربما ركب فسال الدم من عقبيه، وكان لا يبرح الطست تحته وفيه لبدة محشوة، وما لقي أحد من السقم ما لقي(١).

ولما اشتد به المرض، ووقف الموت ببابه ينتظر انتهاء الأجل، دخل عليه تلميذه المزني(٢)، فقال: كيف أصبحت؟ قال: "أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله جل ذكره وارداً، ولا والله ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها".

ثم رفع بصره إلى السماء وبكى، وأنشأ يقول:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سُلّما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلتَ ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو مِنّة وتكرّما(٣)

وبعد العشاء الأخيرة من ليلة الجمعة آخر يوم من رجب، سنة أربع ومائتين، توفي الشافعي - رحمه الله - عن أربع وخمسين سنة(٤)، ودفن غربي الخندق في مقابر قريش في القاهرة، رحمه الله رحمة واسعة.

(١) انظر: تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٦٥، الوافي بالوفيات ٢٧٦/٢.

(٢) هو: أبو إبراهيم، إسماعيل بن يحيى المزني، ناصر المذهب، كان جبل علم، مناظراً محجاجاً، قال الشافعي عنه: "لو ناظره الشيطان لغلبه" صنّف كتباً كثيرة منها: الجامع الكبير، والجامع الصغير، والمختصر، والمنثور، ولد سنة ١٧٥ هـ، وتوفي سنة ٢٦٤ هـ. انظر: طبقات ابن السبكي ٢/ ٩٣، طبقات الشيرازي ٧٩، شذرات الذهب ١٤٨/٢.

(٣) صفة الصفوة ٢/ ١٤٦.

(٤) انظر: صفة الصفوة ٢/ ١٤٧، آداب الشافعى ومناقبه ٢٦.

25