46

Qawacid Nuraniyya

القواعد النورانية الفقهية

Investigator

د أحمد بن محمد الخليل

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الأولى

Publication Year

1422 AH

بِقَدْرِ التَّمَكُّنِ مِنْهَا، فَالسَّاجِدُ عَلَيْهِ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ غَايَةُ التَّمَكُّنِ لَيْسَ لَهُ غَايَةٌ دُونَ ذَلِكَ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَهُوَ مِنْ حِينِ انْحِنَائِهِ أَخَذَ فِي السُّجُودِ سَوَاءٌ سَجَدَ مِنْ قِيَامٍ أَوْ مِنْ قُعُودٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ السُّجُودِ مُقَدَّرًا بِذَلِكَ بِحَيْثُ يَسْجُدُ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ، لَا يَكُونُ سُجُودُهُ مِنِ انْحِنَاءٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُقَدَّرًا مَحْدُودًا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَمَتَى وَجَبَ ذَلِكَ وَجَبَ الِاعْتِدَالُ فِي الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَأَيْضًا: فَفِي ذَلِكَ إِتْمَامُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَيْضًا: فَأَفْعَالُ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَتْ مُقَدَّرَةً وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهَا قَدْرٌ وَذَلِكَ هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ، فَإِنَّ مَنْ نَقَرَ نَقْرَ الْغُرَابِ لَمْ يَكُنْ لِفِعْلِهِ قَدْرٌ أَصْلًا؛ فَإِنَّ قَدْرَ الشَّيْءِ وَمِقْدَارَهُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى أَصْلِ وُجُودِهِ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِلشَّيْءِ الدَّائِمِ: لَيْسَ لَهُ قَدْرٌ؛ فَإِنَّ الْقَدْرَ لَا يَكُونُ لِأَدْنَى حَرَكَةٍ بَلْ لِحَرَكَةٍ ذَاتِ امْتِدَادٍ وَأَيْضًا: فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ أَمَرَنَا بِإِقَامَتِهَا، وَالْإِقَامَةُ: أَنْ تُجْعَلَ قَائِمَةً، وَالشَّيْءُ الْقَائِمُ: هُوَ الْمُسْتَقِيمُ الْمُعْتَدِلُ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُ الصَّلَاةِ مُسْتَقِرَّةً مُعْتَدِلَةً، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِثُبُوتِ أَبْعَاضِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الطُّمَأْنِينَةَ، فَإِنَّ مَنْ نَقَرَ نَقْرَ الْغُرَابِ لَمْ يُقِمِ السُّجُودَ، وَلَا يَتِمُّ سُجُودُهُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ، وَكَذَلِكَ الرَّاكِعُ يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قتادة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ»، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ

1 / 66