al-naẓariyyāt al-fiqhiyya
النظريات الفقهية
Publisher
دار القلم والدار الشامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
مجال لعرض كل هذه الأمور التي يطلع عليها الطالب تفصيلاً في الكتب الفقهية(١).
ولكني أحب أن أشير هنا إلى أن عقوبة الزنا بالجلد أو بالرجم لم تفرض في نظام العقوبات الإسلامي إلا بعد أن نبهت الشريعة الغراء بمختلف جوانبها على الاحتياطات الكثيرة والمتنوعة التي تصون المجتمع عن هذه الفاحشة الخطيرة المدمرة، وتبدأ هذه الاحتياطات الوقائية من غض النظر وستر العورة والبعد عن الزينة والتفحش والاختلاط، والتحذير من كل وسائل الإغراء والفساد، وتنتهي هذه الاحتياطات الوقائية بالدعوة الصريحة إلى الزواج والتشجيع بشكل خاص للشباب على الزواج، كل ذلك للتخفيف والقضاء على الدافع الذي يدعو إلى الزنا، وهو الشهوة والاستمتاع بالنشوة واللذة، فإن لم تنفع كل هذه الوسائل الوقائية، وأقدم الإنسان على الزنا فكان المزيد الشرعي هو حد الزنا والعقوبة الحاسمة، وإنزال الألم بجسده، وإن توفر له الإحصان بالزواج، والتمتع بالطريق المباح فهجر زوجه في بيتها، وغامر وراء شهواته وملذاته للاعتداء على الأعراض استحق الرجم والموت والقتل رمياً بالحجارة، وهذه أقسى عقوبة، جزاء لفعله، وإقامة للعدالة، وصوناً للمجتمع.
ثانياً - حد القذف:
وهو اعتداء أيضاً بالقول فقط على الأعراض بالقذف والهذيان والسب والشتم والاتهام بالزنا، ومقدار العقوبة ثمانون جلدة، لقوله تعالى: ﴿والذينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ(٢)، ثمَّ لم يأتُوا بأربعةِ شُهَداءَ فاجلِدُوهم ثمانِينَ جَلْدةً، ولا تقبلُوا لهم شهادةٌ أَبَدا، وأُولئِكَ هُمُ الفاسِقون﴾ (سورة النور) الآية: ٤.
والقذف فيه اعتداء مباشر على حق المقذوف ولذلك يتوقف الحكم بالحد على الدعوى منه، وقد اختلف الأئمة في صفة حد القذف، وهل هو من حقوق
(١) بدائع الصنائع ٤١٥٠/٩ وما بعدها، مغني المحتاج ١٤٦/٤، حاشية الدسوقي ٣١٣/٤، المغني ٣٨/٩ وما بعدها.
(٢) المحصنات في هذه الآية بمعنى العفة مع البلوغ والعقل، انظر: بدائع الصنائع ٤١٦٥/٩، مغني المحتاج ١٥٦/٤، حاشية الدسوقي ٣٢٤/٤، المغني ٣٧/٩.
33