al-naẓariyyāt al-fiqhiyya
النظريات الفقهية
Publisher
دار القلم والدار الشامية
Edition
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
لا عبرة للمجاز في مقابلة الحقيقة، كما لو كان العرف السائد أن نفقات التسجيل في العقار تقع على عاتق المشتري، ولكن المشتري صرح في العقد بخلافه، وأن النفقات تقع على البائع، فيؤخذ بما اتفقا عليه، ولا عبرة للعرف، وكما لو كان مهر المثل ألفين، واتفق الزوجان على زيادته أو نقصه عمل بالاتفاق، كما لو كان ثمن المثل كذا، وحصل الاتفاق في العقد على خلافه فيعمل بالاتفاق، وكما لو كانت المسجلة مثلاً والراديو يتبعان السيارة عرفاً عند بيعها، ولكن البائع اشترط ونص على رغبته في بقاء المسجلة والراديو له فيعمل بالاتفاق، لأن اتفاق المتعاقدين يحدد الالتزامات والحقوق لكل من الطرفين، فإن اتفقا على أمر معين كتأجيل الثمن أو الدفع بالتقسيط شهرياً أو تسليم المبيع في مكان معين، فهذا نص في إلغاء ما عداه، وعدم اللجوء إلى العرف وغيره(١).
قال العز بن عبد السلام: ((كل ما يثبت في العرف، إذا صرح المتعاقدان بخلافه، بما يوافق مقصود العقد، صح))(٢).
أهمية العرف:
تبدو أهمية العرف بين مصادر التشريع من أربع نواح، وهي:
١ - أنه يحقق مصالح الناس، ويؤمن لهم المنافع العامة، والمقاصد الرئيسة التي جاءت الشريعة الغراء بها، فيرعى عاداتهم، وما يجري عليه تعاملهم، وما استقر عليه عملهم، واطمأنت له النفوس، وألفته الطباع، ويكون هذا التعامل - متى توفرت فيه شروط العرف - مصدراً للتشريع، وبذلك تلتقي أهداف الشريعة مع مصالح الناس بشكل تلقائي وعفوي، ويكون التصرف الفطري السليم معترفاً به في الاستنباط وبيان الأحكام، لأن هذا الدِّين دِين الفطرة.
٢ - يعطي العرف دليلاً جديداً على مرونة الشريعة الخالدة، أو يؤكد هذه المرونة
(١) المدخل الفقهي العام ٨٧٥/٢، المدخل لدراسة التشريع الإسلامي ١٢٤/١.
(٢) قواعد الأحكام، له ١٨٦/٢، وانظر: المصدر السابق ١٢٦/٢ وما بعدها.
179