155

al-naẓariyyāt al-fiqhiyya

النظريات الفقهية

Publisher

دار القلم والدار الشامية

Edition

الأولى

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

بيروت

فقال بعض الفقهاء بالحجر عليه في بعض التصرفات، للحفاظ على حقوق غيره من الورثة والغرماء، وقالوا: إن حق الورثة والدائنين يتعلق بأموال المريض مرض الموت، بعد أن كانت الديون والحقوق تتعلق بذمته، فلما مرض وأشرف على الموت ضعفت ذمته، وأصبحت عاجزة على تحمل الديون أو تعلق الديون بها، وانتقلت إلى ماله، ويحجر على تصرفاته، فتكون محتملة للفسخ والنقض بعد الموت، ويؤذن له في بعض التصرفات التي يحتاج إليها كثمن الدواء والنفقة وما يحتاج إليه ... كما حدده الفقهاء وتوسعوا به(١).

ويتناول مرض الموت كل من كان في حكمه، وهو كل شخص أشرف على مخاطر جسيمة يغلب فيها، أو يتحتم، انتهاء حياته، كالمحكوم عليه بالإِعدام، والمشرف على الغرق في البحر أو الحرق في البر، وكذا المرأة الحامل المُقَرِّب، وحاضر صف القتال، ومحبوس لقطع أو قتل ... وغيرها(٢).

وإن نظرية مرض الموت وما يراد منها من تعريف وأحكام وقواعد وحجر على بعض التصرفات، غير متفق عليها، وإنما قال بها بعض الفقهاء والأئمة وهم الحنفية والحنابلة، ورفضها آخرون، وهم المالكية والشافعية، وقرروا أن الإِنسان يبقى كامل أهلية الأداء حتى الموت، ولا تنقص أهليته، ولا تتأثر بالمرض إلا إذا وصل إلى العقل وملكة الإِدراك والتمييز.

والغريب أن معظم الكتاب المعاصرين الذين بحثوا مرض الموت في عوارض الأهلية وغيرها، يقررون أنه متفق عليه، دون أن يشيروا إلى الاختلاف فيه، وبيان رأي الشافعية والمالكية(٣).

***

(١) مرآة الوصول ص ٣٣٨، التلويح على التوضيح ١٨٦/٣، تيسير التحرير ٢٧٧/٢، كشف الأسرار ١٤٢٧/٢، الملكية، أبو زهرة ص ٣٠١، الأموال، موسى ص ٣٣٤٨، المدخل الفقهي العام ٨٠٢/٢، وسائل الإثبات، للمؤلف ص ٢٩٥.

(٢) وسائل الإثبات، للمؤلف ص ٢٩٦ والمراجع المشار إليها.

(٣) المرجع السابق، القانون المدني المقارن بالفقه الإسلامي (العقود المسماة) للمؤلف ص ٤٦٦ وما بعدها.

155