al-naẓariyyāt al-fiqhiyya
النظريات الفقهية
Publisher
دار القلم والدار الشامية
Edition
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
على إزالة سبب الفساد فيرتفع الفساد، وينقلب الفاسد إلى عقد صحيح، وكما لو كان الفساد بسبب شرط مفسد لأحد الطرفين، أو كان الفساد للجهالة في العوض أو الأجل أو التوثيق، فبينه الطرفان، زال سبب الفساد(١) الذي كان يمنعه من الصحة، وإذا زال المانع عاد الممنوع، كما تقول القاعدة الفقهية(٢).
أما إذا لم يزل المفسد، أو كان لا يمكن زواله بقي العقد فاسداً، وكان مستحقاً للفسخ من الطرفين من غير حاجة إلى قضاء، وإن علم به القاضي وجب عليه فسخه حقاً لله تعالى، ولو لم يطلبه أحد.
وبعد: فهذه نظرية الفساد التي قال بها الحنفية، وكان الدافع لها تسهيل المعاملات المالية، وفتح المجال أمام العقد بالتنفيذ ونقل الملكية، وعدم الحكم عليه بالبطلان، ولكن هذه النظرية أصبحت في العهود المتأخرة عبئاً على التعامل، وأدّت إلى الحرج، وصار الناس يتطلعون إلى التخلص منها والتحايل عليها، مما دفع المشرع العثماني في عهد الانحراف والظلم والتبعية والامتيازات الأجنبية، إلى استمداد التشريعات الأجنبية، والإعراض عن دين الله، ليقدم التسهيلات للتجارة الداخلية والخارجية، وقد أعمى التقليد والجهل والتعصب وضعف الإيمان عينيه أن يفتحهما على بقية المذاهب لاستمداد الحلول الإسلامية التي سبقت تشريع العالم في التساهل الذي يحقق منافع الناس، ويؤمن مصالحهم، ويدفعهم لحمل مشعل التقدم والعلم والمدنيّة والحضارة أمام الله والتاريخ، نرجو الله تعالى أن يردنا إلى ديننا رداً جميلاً، وأن يلهمنا العمل بكتابه الكريم وشريعة نبيه ﷺ، وأن يرزقنا الإيمان الكامل بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن دستوراً.
وهذه نظرية المؤيدات الشرعية، التأديبية والمدنية، عرضناها لبيان الكمال في الشريعة الغراء، وأن الإسلام ليس شريعة خيالية نظرية، توزع الحقوق بين الناس، وتضع المبادىء والقواعد، وتنادي بالشعارات، ثم تترك الأمور فوضى،
(١) فتح القدير ٢٢٤/٥.
(٢) المادة ١٤٣ من مجلة الأحكام العدلية.
125