والدليل على صحة ذلك أن المفروض الطاعة إذا قال لمن تلزمه طاعته: افعل، لم يعقل منه لا تفعل، ولا ما في معناه، ولا توقف، ولا ما في معناه، ولا أنت مُخَيَّر، ولا ما في معناه، فلم يبق إلا البخاري الفعل وإنجازه من المأمور به، فدل على أن الأوامر تدل على الوجوب إذا تجردت عن القرائن التي تدل على الندب (^١) وغيره، واللَّه أعلم.
بَابُ الْقَوْلِ فِي أَفْعَالِ النَّبِيِّ ﷺ- (^٢)
ومذهب مالك ﵀ أن أفعال النبي ﷺ على الوجوب، وقد أباح ذلك، والثاني: أنه لا يتبع فيه إلا بدليل، هكذا حكى الخلاف في "شرح الطريقين في العيد"، وعن الماوَرْدِي أن ما فعله النبي ﷺ لمعنى فزال ذلك المعنى، فيه قال ابن القطان: ولا خلاف فيه.
قال في مواضع كثيرة احتجاجًا بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: الآية ٢١] وسواء كان ذلك حظرًا أو إباحة حتى يتبيَّن أنه ﵇ مخصوص بذلك دوننا، وقد أسقط مالك ﵁ الزَّكَاة في الخضراوات اقتداء بأنها لم يأخذها النبي ﵇ فدلّ على أن أفعاله ﷺ عنده على الوجوب، وقال تعالى: ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: الآية ١٥٣].
والأمر على الوجوب، فوجب اتباعه ﵇ في قوله وفعله، وكذلك قال عمر ﵁ لَمَّا قَبَّلَ الحَجَرَ: "إِنِّي لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولَكنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبَّلَكَ".
وكذلك خلعت الصَّحابة ﵃ نعالهم لدخول الكعبة، وقالوا: رأينا رسول اللَّه ﷺ خَلَعَ نَعْلَين لدخولها، فدل على أن أفعاله على الوجوب إلا أن يقوم دليل الخصوص.
بَابُ الكَلامِ في الأَخْبَارِ وَالقَوْلِ في التَّوَاتُرِ (^٣)
ومذهب مالك ﵀ قَبُول الخبر الذي قد اشتهر واستغنى عن ذكر عدد